دائما ما تكون عيوننا فى كرة القدم على المدير الفني، نفرح به إن حقق الفوز ونحمله الخسارة كاملة فى حالة الإخفاق، ومعا نتعرف على رأى الكاتب "إدواردو جاليانو" فى كتابه "كرة القدم بين الظل والشمس" الذى ترجمه صالح علمانى، فهو يحمل رؤية فى معنى المدرب الفنى.
يقول الكتاب:
فى السابق كان المدرب، ولم يكن أحد يوليه كبير اهتمام، ومات المدرب وهو مطبق الفم عندما لم يعد اللعب لعبًا، وصارت كرة القدم بحاجة إلى تكنوقراطية النظام، عندئذ ولد المدير الفنى، ومهمته منع الارتجال، ومراقبة الحرية، ورفع مردودية اللاعبين إلى حدودها القصوى بإجبارهم على التحول إلى رياضين منضبطين.
كان المدرب يقول:
سنلعب
أما المدير الفنى فيقول:
سنشتغل
يقول الكتاب:
الحديث يدور الآن بالأرقام، فالرحلة من الجرأة إلى الخوف، وهى تاريخ كرة القدم فى القرن العشرين، إنما هى الانتقال من 2-3-5 إلى 5-4-1 مرورا بـ 4-4-2، إن بإمكان أى إنسان غير متضلع أن يترجم هذا مع قليل من المساعدة، ولكن فيما بعد، لم يعد هناك من يستطيع فهم أى شىء، لأن المدير الفنى صار يطور صيغا سرية غامضة مثل المفهوم القدسى ليسوع، ويضع معها خططا تكتيكية عصية على الفهم أكثر من الثالوث المقدس.
وجرى الانتقال من السبورة القديمة إلى اللوحة الإليكترونية، فاللعبات البارزة ترسم الآن بواسطة الكمبيوتر وتعلم بالفيديو، وهذه اللعبات الكاملة التى لا تشوبها شائبة، نادرا ما ترى فيما بعد فى المباريات التى ينقلها التليفزيون، بل إن التليفزيون يقنع بعرض التشنج فى وجه المدير الفنى، ويظهره وهو يعض قبضتيه أو يصرخ بتوجيهات ستقلب مسار المباراة رأسا على عقب إذا ما استطاع أحد أن يفهمها.
ويحاصره الصحفيون فى المؤتمر الصحفى بعد انتهاء المباراة، ولكن المدير الفنى لا يذكر مطلقا سر انتصاراته، مع أنه يصوغ تفسيرات باهرة لـ هزائمه:
التوجيهان كانت واضحة، ولكن لم يعمل بها.
آلية الاستعراض تطحن كل شىء، وكل شىء لا يستمر إلا قليلا، والمدير الفنى يمكن استخدامه، ثم رميه مثل أى منتج آخر من منتجات الاستهلال، اليوم يصرخ الجمهور به:
- ألا تموت مطلقا
وفى المباراة المقبلة
يدعون عليه بالموت
هو يظن أن كرة القدم هى علم وأن الملعب مختبر، ولكن المسؤولين والمشجعين لا يطالبونه بامتلاك عبقرية أينشتاين وبعد نظر فرويد وحسب، بل وبقدرات عذراء لورديس الإعجازية وبقوة غاندى على التحمل.