يحتوى حجر رشيد الذى تحل اليوم الذكرى الـ198، على فك رموز على يد عالم عالم المصريات الفرنسى جان فرانسوا شامبليون الذى عثر عليه فى رشيد على ثلاثة نصوص؛ وهي: النص الإغريقي، والنص الديموطيقى — لغة الشعب، والنص الهيروغليفى أو الكتابة المصرية المقدسة، وبحسب الدكتور سليم حسن فى موسوعته "مصر القديمة" فالمتن الهيرغليفى قد دُوِّنَ لجماعة الكهنة الذين كانوا يُعدون طائفة خاصة تكاد تكون بمعزل عن الشعب من حيث الثقافة والتفكير، هذا على الرغم من أن هذه الطائفة كانت هى المسيطرة على عقول الشعب المصرى الأصيل من الوجهة الدينية، والواقع أنه كانت لهم لغتهم المقدسة التى كانت تُستعمل فى صلواتهم وفى نقش معابدهم وتعاليمهم الخاصة التى كانت معرفتها قاصرة عليهم فى معظم الحالات.
أما المتن الديموطيقى فقد كتب لعامة الشعب المصرى الأصيل، وقد نقشه الكهنة باللغة العامية التى يفهمها هؤلاء ويتخاطبون بها فى رسائلهم ومعاملاتهم العامة، ولا نزاع فى أن عامة الشعب كان لا يفهم اللغة المصرية المقدسة إلا القليل منهم، يضاف إلى ذلك أن مثل هذا المرسوم كان يُنشر فى المعابد التى من الدرجات الأولى والثانية والثالثة، وبعبارة أخرى كان يقرأه كل الشعب المصرى المثقف وغير المثقف منهم، ولذلك كان لزامًا إصداره باللغة التى يعرفها المصريون أهل البلاد.
وأخيرا دون المنشور باللغة الإغريقية وهى — كما قلنا — كانت لغة الحكومة المصرية، ولما كان من مصلحة الكهنة أن يفهم الإغريق ما احتواه هذا المنشور من مقررات تمس صميم مالية البلاد وأحوالها الاجتماعية؛ فإن المرسوم قد تُرجم إلى اليونانية، أو على الأقل نُقلت كل معانيه إلى الإغريقية، وبتعابير إغريقية نُقلت عن المصرية، وهذا ما يُلحظ فى بعض التعابير التى عبر عنها الإغريقى فى المتن الإغريقي، وقد كانت ترجمة بعض هذه التعابير تستعصى على الكاتب الإغريقي، ولقد كان من أوجب الواجبات أن يُكتب مثل هذا المنشور بالإغريقية، وبخاصة عندما نعلم أن الملك كان على دين المصريين ويُعد فرعونًا فى نظرهم، وذلك على الرغم من أن مواطنيه الإغريق فى مصر كانوا على ملة آبائهم.