رغم أن رواية "الزينى بركات" هى العمل الأشهر من روايات الأديب الراحل جمال الغيطانى، إلا أنه استطاع أن يقدم أعمالا روائية أخرى مميزة من بينها رواية "وقائع حارة الزعفرانى"، الصادرة لأول مرة عام 1976، تتناول الرواية، الحارة المصرية بكل تفاصيلها فهى تدور حول حدث غريب ومقلق لسكان الحارة، فكل سكان الحارة يفقدون قدرتهم الجنسية عدا شخص واحد غير معروف، ويعرض الكاتب فى هذه الرواية مجموعة من الملفات والتقارير لأنماط من البشر، يحيون فى مكان واحد ألا وهو الحارة، ويتلقى كل منهم أصداء الحياة على نحو يوافق أفقه وطبيعته، والقصة مشوقة بما تعرض من مخاوف البشر ومآسيهم وأسرارهم وصدى الأحداث فى أنفسهم.
تشعرك هذه الرواية بأنها قصة حقيقية وأنك قد صادفت مقابلة أشخاصها يوماً ما فى حياتك أو تعرف أحدهم، فهذه الرواية شبيهةٌ بحوارى نجيب محفوظ الروائية -من بعض الزوايا على الأقل، وقد ترجمت هذه الرواية إلى الألمانية عام 2009.
يقول الباحث الإسبانى خوان جويتسيلو فى دراسة طويلة بالإسبانية بعنوان الأصالة والمعاصرة فى أعمال جمال الغيطاني: الحدث الذى يزعزع الوجود الهش لسكان حارة الزعفرانى غريب ومقلق؛ فكل سكان الحارة يفقدون قدرتهم الجنسية عدا شخص واحد غير معروف.
يقول الغيطاني: "فى وقائع حارة الزعفرانى -والرواية كلها مجموعة ملفات وتقارير -"استفدت من تجربة ابن إياس اللغوية على الرغم أن الموضوع ليس تاريخيا، كان ابن إياس يكتب أفظع الحوادث بالهدوء نفسه الذى يكتب به أبسط الحوادث، كان يوجد مسافة موضوعية بينه وبين الحدث، فى الزعفرانى كنت أعبر عن الأحداث بروح محايدة لأنه تقارير، ولم يكن ممكنا محاكاة أسلوب شعرى فى التقارير".