أعلن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، اليوم الجمعة، عن إصابته وزوجته ميلانيا بفيروس كورونا، وقال ترامب فى تغريدة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر": "ثبتت إصابتنا بـ COVID-19، سنبدأ عملية الحجر الصحى وسنتعافى على الفور، سوف نتجاوز هذا معا!"، ليثير هذا الإعلام ردود أفعال واسعة، ويعلن البيت الأبيض إلغاء رحلته التى كانت مقررة إلى فلوريدا لإلقاء خطاب أمام أنصاره.
كان ملفتا أن تتحدث صحف العالم عن أن كورونا "يصيب الأغنياء"، كما يصيب الفقراء، وأنه يوزع أهدافه بـ"التساوى"، فيصيب زعماء السياسة ورجال الأعمال والشخصيات المشهورة أيضا، لكن الأوبئة كانت فى الحقيقة هكذا فى أغلب الأوقات، فالعديد من الملوك والرؤساء والزعماء والخلفاء كانوا ضحايا الأوبئة:
الملك الحيثى القديم سابيليوليوما الأول
كان للأوبئة أيضا أثر سياسى مهم، إذ قضى الملك الحيثى القديم سابيليوليوما الأول (القرن الرابع عشر قبل الميلاد- ملك الحيثيين أيام حكم توت عنخ أمون فى مصر) بمرض الطاعون بعد 30 عاما على العرش.
وبينما كان الوباء يتضاءل فى مصر، انتقل الوباء إلى وسط الأناضول، انتشر الطاعون فى مجتمع الحيثيين، وقضى على بعض أفراد العائلة المالكة، ومنهم أرنوواند الثانى ابن الملك سابيليوليوما الأول، وذلك بعد أقل من سنة على وفاة والده، تولى الحكم الشقيق الأصغر، ملك الإمبراطورية الحيثية (1321-1295 ق.م)، مورسيلى الثانى الذى كان يعتقد أن الوباء غضب ربانى لمعاقبة والده بسبب قتل إخوته فى بداية الحكم، فبدأ بالصلاة لمواجهة وباء الطاعون، عدوى الأمراض ومفهومها كان واضحا ومعروفا عند المجتمعات القديمة (متحف اللوفر- رفائيل تشيبو).
الخليفة الظاهر الفاطمى
الظاهر لإعزاز دين الله، الخليفة السابع فى الدولة الفاطمية والإمام السابع عشر لدى الشيعة الإسماعيلية، حكم مصر وسوريا صغيرا فى عمر 16 عاما، لكنه توفى صغيرا أيضا بسب الطاعون سنة 1036م، ولم يتجاوز عمره 30 عاما.
تميزت فترة حكم الخليفة الظاهر بانتشار مهول للأمراض والأوبئة فى مصر، يقول محمد بركات البيلى فى كتابه "الأزمات الاقتصادية والأوبئة فى مصر الإسلامية" نقلا مؤرخين مصريين قدامى: "فى خلافة الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي، فشتِ الأمراض، وكثر الموت فى الناس فى سنة 415 هـ، وانشغل الناس بما هم فيه من وباء عن الاحتفال بليلة الميلاد (النبوى)، وتواتر الوباء والموت، حتى لم يكن يخلو منزل واحد من عددٍ من المرضى.. واختتمت خلافة الظاهر بوباء آخر حل بمصر سنة 426هـ، لم يعش الظاهرُ بعده طويلا".
سلطان المغرب أحمد المنصور الذهبى
أقوى سلاطين الدولة السعدية فى المغرب، حكم 25 عاما، بين سنتى 1578م و1603م. بويع بالولاية عقب معركة وادى المخازن التى انتصر فيها المغرب على البرتغال وتوفى فيها شقيقة السلطان عبد الملك وابن عمه السلطان محمد المتوكل وملك البرتغال دون سيباستيان (لذلك سميت بمعركة الملوك الثلاثة).
فى عهده، وصلت الدولة السعدية إلى أقصى امتداد لها، إذ ضم المغرب آنذاك أجزاء كبيرة مما كان يعرف ببلاد السودان بما فيها منطقة تومبكتو فى دولة مالى حاليا.
لكن المنصور الذهبى سقط قتيلا بسبب الطاعون الذى انتشر فى المغرب خلال تلك الفترة، يقول القاضى المغربى عبد الرحمن التمنارتى الذى كان معاصرا للسعديين، فى كتابه "الفوائد الجمة فى إسناد علوم الأمة"، عن هذا الطاعون: "لم يدع بيتا إلا صدعه، ولا بابا إلا قرعه، ولا جمعا إلا فرقه، ولا داخلا إلا طرقه، حتى اغتال الملك المنصور، وكل أسد هصور".
لويس التاسع
حكم لويس التاسع فرنسا مدة 44 عاما بين سنتى 1226 و 1270. وكان ملكا متدينا، قاد حملتين صليبيتن لاستعادة بيت المقدس، لكن دراسة طبية حديثة ترجح أن يكون لويس التاسع توفى بسبب نقص حاد فى الفيتامين "سي" أدى إلى إصابته بمرض الأسقربوط، وبنت هذه الدراسات خلاصاتها من فحص عظام فك الملك الفرنسى التى ما تزال محفوظة حتى الآن.
والملك لويس التاسع يعد قديسا مسيحيا أيضا (القديس لويس)، إذ قامت الكنيسية بتطوبيه سنة 1297م. وهو ملكة فرنسا الوحيد الذى حظى بهذا الشرف.
الإمبراطور هوستيليان
لم يدم حكم هوستيليان على رأس الإمبراطورية الرومانية سوى أشهر قليلة بين يوليوز ونوفمبر سنة 251م، وجاء حكمه فى فترة تميزت بالكثير من الاضطرابات، فأبوه الإمبراطور ديكيوس وشقيقه هيرنيوس إتروسكوس قتلا معا فى معركة أبريتاس ضد القوط.
وعندما حكم هوستيليان لم يكن يحكم بمفرده فقد كان إلى جانبه إمبراطور شريك هو تريبونيانوس جالوس، توفى هوستيليان بسبب الطاعون الذى اجتاح روما سنة 251م، ولا يعرف كم كان عمره حينها، إذ إن تاريخ ولادته مجهول.
رودريجز ألفيز رئيس البرازيل
فى البرازيل، يعيد الوضع الوبائى الحالى وإصابة الرئيس جايير بولسونارو (Jair Bolsonaro) بفيروس كورونا المستجد للأذهان أحداث فترة الإنفلونزا الإسبانية، التى عصفت بالبلاد عقب الحرب العالمية الأولى لتخلف نتائج كارثية، فبمدينة ساو باولو، عاصمة ولاية ساو باولو، حينها، أصيب حوالى 350 ألفا بالمرض وهو الرقم الذى يعادل ثلثى سكان المدينة وفارق الآلاف منهم الحياة بسببه.
وبعد فترة رئاسية أولى تميزت بالعديد من المشاريع العمرانية الهامة والاضطرابات الداخلية، ترشح رودريجز ألفيز مرة ثانية للانتخابات الرئاسية عام 1918، وأثناء هذه الانتخابات، قدر عدد سكان البرازيل بنحو 29 مليون نسمة كان من ضمنهم قرابة 1.7 مليون ناخب أدى من بينهم 395 ألفا فقط، ما يعادل 1.37% من الشعب، واجبهم الانتخابى، وقد جاءت النتائج مثيرة للدهشة حيث فاز رودريجز ألفيز بنسبة 99% وتقاسم بقية خصومه 1% من الأصوات المتبقية، ليفوز بذلك ألفيز بولاية رئاسية ثانية انتظرها بفارغ الصبر.
وقد كان من المقرر أن يستلم رودريجز ألفيز منصبه كرئيس للبلاد يوم 15 نوفمبر 1918، إلا أنه عجز عن ذلك بسبب ظهور أعراض الإنفلونزا الإسبانية عليه وتدهور حالته الصحية وبذلك تولى نائبه دلفيم موريرا (Delfim Moreira) المنصب بدلا منه، ويوم 16 يناير 1919، تمكنت الإنفلونزا الإسبانية من الرئيس ألفيز حيث فارق الأخير الحياة بسببها عن عمر يناهز 70 عاما.