ربما لم يكن لأحد أثرا كبير فى أدب المسرح المصرى مثلما كان للأديب الكبير توفيق المعروف بأبى المسرح العربى، ليس هذا فحسب بل إنه أكثر كتاب جيله اهتماما بهذا النوع، ورغم مرور سنوات عدة على رحيله، إلا أنه يبقى فى نظر النقاد والمتابعين لهذا النوع من الفنون الأب الروحى له.
وتمر اليوم الذكرى الـ122 على ميلاد أبى المسرح العربى الأديب الكبير توفيق الحكيم، إذ ولد بمدينة الإسكندرية فى 9 أكتوبر عام 1898، وهو الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء، وكانت مسرحيته المشهورة أهل الكهف فى عام 1933 حدثاً هاماً فى الدراما العربية، فكتابة المسرح قبل الحكيم كانت تكتب لتقدم على خشبة المسرح مباشرة، ولم نكن نملك نصوصا مسرحية تصلح للقراءة والتمثيل معا مثل أعمال الأديب الإنجليزى الشهير وليام شكسبير.
فى عام 1929، كتب الأديب توفيق الحكيم، عميد المسرح العربى، مسرحية أهل الكهف، ونشرها عام 1933، فكانت "غذاء فكريًا وروحيًا"، إذ كانت بدايةً لنشأة تيار مسرحى عرف بـ"المسرح الذهنى"، وهو عكس المسرح التقليدى، الغرض منه أن يكون مقروءًا وليس قابلًا للأداء من قبل الممثلين، ويعرف أنه من الصعب أن يتم أداؤه أمام الجمهور، إذ كتب ليخاطب الذهن والفكر ثم كانت "أهل الكهف" أول العروض المسرحية التى عرضت فى افتتاح المسرح القومى، عام 1935، من إخراج زكى طليمات، إلا أنها فشلت، فـ"المسرح الذهنى" فن صعب ليتم استيعابه من الجمهور.
ظهرت الطبعة الأولى من المسرحية "أهل الكهف" عام 1933 فى طبعة أنيقة عن دار مطبعة مصر، وقد طبع منها المؤلف عددًا خاصًّا وزع معظمه على خاصة الكتاب والأدباء وكبرياء الصحف والمجلات، فقوبل صدور المسرحية بضجة من كتاب مصر وقادة الأدب فيها، واعتبرها البعض قطعة من الفن الخالص، وكان الأستاذ الجامعى الدكتور طه حسين بك عميد كلية الآداب بالجامعة المصرية آنذاك أول من هلل للمسرحية فكتب عنها فى جريدة الوادى: "إنها حدث فى تاريخ الأدب العربي"، وإنها تضاهى أعمال فطاحل أدباء الغرب، وأخذت المجلات والجرائد تتحدث عن مسرحية "أهل الكهف" وشخص صاحبها وأخذت جريدة البلاغ تكتب عنها: إنها شبيهة بآثار موريس ماترلنك ولا تقل عنها، وأن شخص كتبها ماترلنك مصر وهكذا فى ضجة ثارت فى الدوائر الأدبية ارتفع اسم توفيق الحكيم كأعظم كاتب مسرحى فى اللغة العربية.
"نعم هذه القصة حادث ذو خطر يؤرّخ فى الأدب العربى عصراً جديداً. ولست أزعم انها حققت كل ما أريد للقصة التمثيلية فى أدبنا العربي، ولست أزعم انها قد برئت من كل عيب، بل سيكون لى مع الاستاذ توفيق الحكيم حساب لعله لا يخلو من بعض العسر، ولكننى مع ذلك لا أتردد فى أن أقول إنها أول قصة تمثيلية حقيقية حقاً، ويمكن ان يقال انها أغنت الأدب العربى وأضافت إليه ثروة لم تكن له، ويمكن أن يقال انها رفعت من شأن الأدب العربي، وأتاحت له ان يثبت للآداب الاجنبية الحديثة والقديمة، ويمكن أن يقال أن الذين يعنون بالأدب العربى من الأجانب سيقرأونها فى إعجاب خالص لا عطف فيه ولا إشفاق، ولا رحمة لطفولتنا الناشئة"، كان هذا جزءاً من رأى عبر عنه عميد الأدب العربى طه حسين فى مسرحية "أهل الكهف" التى أصدرها زميله الشاب توفيق الحكيم فى العام 1933.