نشاهد، اليوم، منحوتة غريبة، عبارة عن نصب لشمبانزى جالس على أعمال داروين، ففى عام 1893م، قام الفنان الألمانى هوجو راينولد بنحت تمثال ما يعرف بـ"قرد داروين" أو "القرد المفكر" أو "القرد الذى يتأمل الجمجمة البشرية" والتمثال الأصلى مفقود.
ويحمل القرد فى يده اليمنى جمجمة بشرية ويضع يده اليسرى على ذقنه متأملاً، محاكياً بتلك الوضعية مشهداً فى مسرحية شكسبير "هاملت" عندما أتى أمير الدنمارك لينعى (يوريك) ويحمل جمجمته قائلاً: "يا للأسف، يوريك المسكين، لقد عرفته".
يجلس وقدمه اليسرى تدعم قدمه اليمنى التى تحمل فرجاراً، وأسفل ظهره يظهر كتاب "داروين" مغلقًا، وكما نلاحظ، الكتاب المفتوح أسفل قدميه عليه نقش باللاتينية.
وصدر كتاب أصل الأنواع تأليف تشارلز داروين عام 1859، ويعتبر أحد الأعمال المؤثرة فى العلم الحديث وأحد ركائز علم الأحياء التطورى، وعنوان الكتاب الكامل "فى أصل الأنواع عن طريق الانتقاء الطبيعى - أو بقاء الأعراق المفضلة فى أثناء الكفاح من أجل الحياة" وقدم فيه داروين نظريته القائلة أن الكائنات تتطور على مر الأجيال، وفى الطبعة السادسة من الكتاب لعام 1872م، تم تغيير عنوان الكتاب إلى الاسم المختصر أصل الأنواع ولقد أثارالكتاب جدلاً بسبب مناقضته الاعتقادات الدينية التى شكلت أساساً للنظريات البيولوجية حينئذ، وقد شكّل كتاب داروين هذا عرضاً لنظريته التى أعتمد فيها على البراهين العلمية التى جمعها فى رحلته البحرية فى ثلاثينات القرن التاسع عشر وبحوثه وتجاربه منذ عودته من الرحلة.
كان الكتاب مثار جدلٍ وأثار نقاشاتٍ علمية وفلسفية ودينية، ولقد تطورت نظرية النشوء والارتقاء منذ عرضها داروين للمرة الأولى ولكن بقى مبدأ الانتخاب الطبيعى أوسع النماذج العلمية قبولاً لكيفية حصول ارتقاء الأنواع، ورغم قبول نظرية النشوء والارتقاء الواسع فى الأوساط العلمية إلا أن الجدل حولها لا يزال قائما حتى يومنا هذا.