تمر اليوم الذكرى الـ131 على ميلاد السياسى والقيادى الوفدى الأسبق، مكرم عبيد، إذ ولد فى 25 أكتوبر عام 1889، وهو سياسى ومحام ومفكر مصرى، شغل منصب وزير المواصلات ثم وزير المالية فى مصر فى 3 وزارات، ويعد أحد رموز الحركة الوطنية فى مصر، حيث كان ضمن الوفد المصاحب لسعد زغلول باشا ونفى مع بقية الوفد إلى جزيرة مالطة وعادوا بعد ثورة 1919، ويعد من أبرز رموز حزب الوفد بعد تأسيسه عام 1918، وبعد وفاة سعد زغلول تولى منصب سكرتير لحزب الوفد وترشح لعضوية مجلس النواب حتى عام 1946، كما يعتبر أحد مفكرى مصر فى حقبة الأربعينيات والخمسينيات.
ولعل أكثر الوقائع المثيرة للجدل فى حياة مكرم عبيد، هو انشقاقه عن حزب الوفد، وقيامه بتأليف كتاب "الكتاب الأسود فى العهد الأسود"، وهو عبارة عن خطاب موجّه من مكرم عبيد إلى الملك فاروق حيث كان مكرم عبيد وزير الماليّة آن ذاك، يقوم من خلاله بشرح فساد الأوضاع السياسية للبلاد وفساد حكومة النحاس باشا فى تلك الفترة، كما جسد فيه مكرم باشا الاختلاسات التى كانت فى الوزارة الوفديه وانتشار الرشوة والمحسوبية فسمى عصر وزارة الوفد بالعصر الأسود.
خلفية إصدار «الكتاب الأسود»، فتبدأ بانشقاق الزعيم مكرم عبيد عن الوفد عام 1943، ولم تكن يد أحمد حسنين ببعيدة عن هذا الانشقاق بل لم تكن يد القصر ببعيدة عن كل الانشقاقات الوفدية فى عهد النحاس، وجمع مكرم عبيد وقت أن كان وزيراً للمالية فى حكومة الوفد العائدة بعد 4 فبراير إلى الحكم وقائع سميت بالكتاب الأسود، رصد فيها جميع السلبيات والفساد فى الوفد وبمعاونة القصر طبع الكتاب ورفع عريضة بأحوال البلد إلى الملك، ويروى فيه ما حدث فى حزب الوفد وما يعتبره من الفضائح والمصائب، وتقدم مكرم عبيد بالعريضة على شكل استجواب أمام مجلس النواب، وما إن عرض استجوابه يوم 23 مايو 1943 حتى تقدم العضو حسن ياسين، باقتراح لإسقاط عضوية مكرم باشا عبيد من مجلس النواب، وتم ذلك بعد أسابيع إذا بالحاكم العسكرى العام، وهو رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا يصدر أمراً عسكرياً باعتقال مكرم عبيد وتم اعتقاله وأودع السجن بمقتضى قانون الطوارئ.
وذكر الدكتور يونان لبيب رزق، فى كتابه «الوفد والكتاب الأسود»، كيف استشرى الفساد والمحسوبية، إلى جانب وقائع استغلال شخصى لرئيس الوفد منها قيام السفارة المصرية بلندن بشراء معطف فراء لقرينة رئيس حزب الوفد، وكذلك قبعات للرأس وفصل مئات الموظفين صنفهم الوفد أنصاراً لخصومه مع تعيين آخرين موالين لهم من رجال الوفد ووجه الكتاب الأسود الاتهام إلى النحاس باشا بثلاثين واقعة منها بيع منزل كان استأجره بالإسكندرية بمبلغ ٥٠٠ جنيه وشراؤه 80 فدانا من فؤاد سراج الدين وزير داخليته باسم حرمه بثمن أقل من الثمن الحقيقى، هذا إلى جانب شراء النحاس سيارة موديل كوتسيكا بمبلغ 1500 جنيه فى حين أنها كانت معروضة بـ3000 جنيه، ونشر الموضوع بأكمله فى جريدة الأهرام يوم 24 مايو 1943.