صدر حديثا العدد الـ"49" من مجلة الشارقة الثقافة، عدد شهر نوفمبر، التى تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة، حيث جاءت الافتتاحية بعنوان (الوعى الثقافى والتاريخي)، معتبرة أن الأمة التى لا تقرأ هى أمة بلا وعي، بل هى أمة بلا حاضر ولا مستقبل، فالتشجيع على القراءة وتوفير الكتاب ورفع المستوى الثقافى والتركيز على التعليم، من أهم المصادر لتكوين الوعى وتنشيط عمله، لذلك لا تألو بعض المدن العربية جهداً فى هذا المجال، إذ سخّرت كل الإمكانات لجعل القراءة عادة يومية، ومنحت الكتاب وصناعته دعماً غير محدود.. وبموازاة ذلك استكملت هذه المدن جهودها فى رفع الوعى ونشره، فأولت اهتماماً لا مثيل له بالمسرح شكلاً ومضموناً، وتعزيز دوره وتفعيل حضوره، لما للمسرح من قوة وقدرة على التغيير، ومن أهمية فى بناء الإنسان وصقل وعيه ورؤاه، وأشارت إلى أن الوعى التاريخى لا ينفصل عن الوعى الثقافي، بل لا يتحقق إلا من خلال الثقافة الحقيقية والمعرفة الثرية، وإعادة قراءة التاريخ وتحليله وتنقيته من الشوائب واستخلاص العبر والدروس والاستفادة من الحوادث وسير الشخصيات لما فيها من منفعة للدارسين والباحثين، ومصلحة للمجتمع.
أما مدير التحرير نواف يونس فرأى فى مقالته التى حملت عنوان (أوراق من الذاكرة – رسائل.. بلا عنوان) أن التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة لم تقدر على تعويضنا عن تلك اللحظات المفعمة بالترقب والانتظار والفرح، التى كانت تحملها تلك الرسائل البريدية، وباتت من ذكريات الماضى الجميلة، ونحنّ إليها بشوق، حيث كانت بمثابة صندوق الأسرار لمشاعرنا وعواطفنا وأفكارنا، كما كانت تمنحنا الكثير من لحظات الدفء والبراءة والصدق.. إنها خزين الذاكرة ذات الغرف المغلقة فى دواخلنا، والتى منحت كلّاً منّا مفتاح غرفته الخاصة، التى تعج بالتجارب الحياتية ومواقف الكبرياء والقسوة والقهر والمعاناة، إلى جانب الحب والسلام والأحلام الوردية، لتظل هذه الذاكرة النبع أو المنهل الذى تصبح معه حياتنا أكثر أملاً وإشراقاً.
ففى تفاصيل العدد (49) استكمل يقظان مصطفى كتاباته فى إلقاء الضوء على إنجازات الحضارة العربية متوقفاً هذه المرة عند علم الأصوات النطقى عند العرب، وغاص د. ربيع أحمد سيد أحمد فى سيرة عميد المستعربين الإسبان أميليو غارسيه غوميث الذى قام بترجمة العديد من المؤلفات العربية إلى اللغة الإسبانية، فيما استعرض مصطفى الحفناوى تجربة الشاعرة الأمريكية لويز جليك التى تعد المرأة السادسة التى تتوج بجائزة نوبل للآداب.
وفى باب (أمكنة وشواهد) اصطحبنا صابر خليل فى جولة داخل أرجاء مدينة المنصورة التى تفوح بعبق التاريخ والفن والجمال، وعرّج بنا عامر الدبك إلى سماء بصرى الشام التى تعد متحفاً تتعانق فيه الحضارات.
وفى باب (أدب وأدباء) فتناول الدكتور هانى محمد الأديب والمفكر أحمد أمين الذى يعد واحداً من أعلام النهضة العربية الحديثة فى الأدب والفكر، وجال حسن بن محمد فى تجربة الأديب العالمى محمد ديب الذى تنبأ فى روايته (الحريق) بالثورة الجزائرية، فيما حاور عبدالعليم حريص الشاعرة والناقدة الكويتية الدكتورة سعاد الصباح التى اعتبرت أن الكتابة هى مغامرة على الورق برغم كل العقبات والإحباطات، وتوقفت د. بهيجة إدلبى عند التجربة الروائية للأديب بن سالم حميش الذى وجد فى التاريخ فتنة الحكى والتخييل، بينما حاور ضياء حامد الكاتبة المصرية الدكتورة ريم بسيونى التى قالت (تشرفت وأعمالى بجائزة نجيب محفوظ)، وتناول عزت عمر إرنست همنغواى وروايته الرائعة (العجوز والبحر)، وأجرى الأمير كمال فرج مقابلة مع الكاتبة شهلا العجيلى التى أكدت أنه يوجد تشابك معرفى بين التاريخ والرواية، واستطلع عبدالهادى روضى آراء عدد من المبدعين العرب حول تصورهم للكتابة وعلى ماذا يراهنون من خلالها. وألقى بهجت صميدة الضوء على رائعة جمال حمدان (شخصية مصر – دراسة فى عبقرية المكان)، فيما أبحرت اعتدال عثمان فى العالم الإبداعى ليوسف إدريس وتحولاته اللاحقة ومواقفه الشخصية فى الحياة العامة من خلال قراءة للمستعربة فاليريا كيربتشنكو، والتقى محمد زين العابدين الشاعر سامح محجوب الذى رأى أن الأشياء لا تبدو جميلة إلا بانعكاس روح الإنسان عليها، وكتب أحمد أبو زيد حول البديعيات الرائدة فى الأدب العربى التى تعتبر إبداعاً شعرياً فردياً يجمع بين الفنون اللغوية والأدبية، وقدمت رؤى مسعود جونى إضاءة على الأدب اليابانى الحديث الذى تأثر بواقع الحرب وما بعدها من أحداث، وتناول محمد هجرس الروائى يوسف أبو ريّة الذى احتفى به نجيب محفوظ وأشاد بكتاباته، وحاور هشام أزكيض الكاتب محمود الريماوى الذى امتهن الأدب والصحافة معاً ويشغله ويؤرقه الإنسان وتحديات واقعه، كما حاور أشرف قاسم الكاتب منير عتيبة، مؤسس مختبر السرديات الثقافى والذى أكد أن العمل الإبداعى مشروع لا يكتمل إلا بالقراءة، وقدم د. راشد عيسى مداخلة حول حديقة قاسم حداد الذى يحمل شعره بشارات التخطى ويبرق بالتماعات التفرد والإضافة والنوعية.
فى باب (فن. وتر. ريشة) نقرأ: لؤى كيالي.. فنان الحزن الجميل – بقلم مهاب لبيب، سارة شما.. لوحاتها تعبر عن شخصيتها ومشاعرها إنسانياً – بقلم وحيد تاجا، أثر سيد درويش فى مدرسة الرحابنة – بقلم عبده وازن، يعقوب صنّوع.. رائد فى الصحافة والمسرح والأدب – بقلم هبة أبو الفتوح.
من جهة ثانية، تضمّن العدد مجموعة من المقالات الثابتة، وهي: اللغة والهوية – بقلم د. محمد صابر عرب، القيم والتنوع فى فكر المهدى المنجرة – بقلم د. حمو موسوت، (محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية) بين جرجى زيدان ومحمد الخضرى بك – بقلم مصطفى عبدالله، أبعاد التفاعل السردى مع الموسيقا فى الريادة الروائية والقصصية – بقلم نبيل سليمان، ثقافة الأمل.. ثقافة الحياة – بقلم صالح لبريني، حضور مرموق للرواية القصيرة – بقلم غسان كامل ونوس، امرؤ القيس والتعبير عن الوجدان العربي- بقلم د. يحيى عمارة، النص وأسئلة القبول – بقلم د. حاتم الفطناسي، المناظر الخطية والتأملية عند خالد الساعى – بقلم خوسيه ميغيل بويرتا، المقتطف من ذاكرة المكان والحياة – بقلم محمد نجيب قدورة، تفهم دور المرأة الاجتماعى الوطنى – بقلم أنيسة عبود، شاعر متوسطى بقارب هيليني، بقلم د. حاتم الصكر، الورّاقون المثقفون يكسبون القليل من المال والكثير من الآمال – بقلم مأمون كيوان، فضاء.. من زرقة الوهم – بقلم سلوى عباس، الأعياد فى الشعر العربى – بقلم د. عبدالعزيز المقالح، الترجمة.. عالم موازٍ فى جمالياته ومعانيه – بقلم رابعة الختام، طه حسين وثلاثية نجيب محفوظ – بقلم مصطفى محرم، الأدب الشعبى يعبر عن روح وإبداع الإنسان – بقلم د. محمد عماري، سيد إبراهيم من رواد فن الخط العربى – بقلم سوسن محمد كامل، فى مرمى الوقت – بقلم نجوى المغربي.
وفى باب (تحت دائرة الضوء) قراءات وإصدارات: (مخرجون واتجاهات فى سينما العالم).. للناقد المصرى سمير فريد – بقلم د. أمل الجمل، القيم الخلقية فى قصة (هديل) – بقلم مصطفى غنايم، الدراسة الأدبية للكاتب رئيف خورى – بقلم نجلاء مأمون، (أنا أكذب)، نصوص تعالقت مع الألم وقلق الروح – بقلم انتصار عباس، كتاب (اللاطمأنينة) للشاعر فرناندو بيسوا – بقلم سعاد سعيد نوح، ديوان (مرايا لا تعكس) للشاعر د. عبدالحكيم الزبيدى – بقلم د. شهاب غانم، النص المسافر.. بحث فى أنماط السرد الروائى – بقلم ناديا عمر، د. طلال الجنيبى يثرى تجربته الشعرية بإصدار ديوان (كآخر من يعود) – بقلم زمزم السيد.
ويفرد العدد مساحة للقصص القصيرة والترجمات لكوكبة من الأدباء والمبدعين العرب، وهي: محمد عباس على داود (ما بعد الرحيل) / قصّة قصيرة، ما بعد الرحيل وتداخل الأجناس/ نقد - بقلم د. سمر روحى الفيصل، حسام حسنى بدار (الهازل) / قصة مترجمة، سامر أنور الشمالى (عطر الذكريات) / قصة قصيرة، رفعت عطفة (الساحرة والزمن) / قصة مترجمة، إضافة إلى (أدبيات) من إعداد فواز الشعار.