تتاجر الحكومة التركية الآن باسم النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وتقود حملة لمقاطعة فرنسا بحجة إهانة الرسول، رغم أن أجدادهم العثمانيين والمثل الأعلى للديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، كانوا أول من سلم بلاد الشام "سوريا، لبنان، فلسطين" إلى المتسعمر، وتركوا للأجانب حرية التدخل فى شئون هذه البلدان العربية، والآن يملأون العالم صريخا وعويلا بأنهم الذين نصروا الدين.
وبحسب عدد من الباحثين، كان التدخل الأجنبى ظهر فى سوريا بداية من القرن التاسع عشر، حين سمحت الدولة العثمانية للجيوش الأوروبية بالتدخل من أجل إنهاء حكم إبراهيم نجل محمد على باشا، بعدما شعرت بالخطر من طموحات الوالى محمد على، وأسفرت محادثات أوروبا عن ميلاد اتفاق لندن فى 15 يوليو 1840 والذى نص على استعمال القوة العسكرية لإخراج إبراهيم باشا من سوريا حال رفض حكم ولاية عكا مدى الحياة وعودة سائر المناطق للحكم العثماني، وعلى الرغم من أن فرنسا قد أبدت دعمها لمحمد على، إلا أنها لم تستطع أمام سائر الدول الأوروبية أن تمنع إقرار المعاهدة.
وظلت طوال هذه الحقبة سوريا تعانى من الحكم العثمانى الضعيف والتدخل الأجنبى والسيطرة على ثروتها، حتى أبريل 1920 وخلال مؤتمر سان ريمو في إيطاليا قرر الحلفاء تقسيم البلاد إلى أربع مناطق تخضع بموجبها سوريا ولبنان للانتداب الفرنسي والأردن وفلسطين للانتداب البريطاني، وإن كان لبنان ومعه الساحل السوري وكذلك فلسطين لم تدخل عسكريًا تحت حكم المملكة نظرًا لكون جيوش الحلفاء فيها منذ نهاية الحرب العالمية، فإن الجيش الفرنسي توّجه نحو دمشق واحتلها في أعقاب معركة ميسلون يوم 24 يوليو 1920، وبذلك دخلت سوريا مرحلة الانتداب الفرنسي عليها.
وفى العام نفسه وفى 10 أغسطس من عام 1920 تخلت الدولة العثمانية عن فلسطين وأعلنت قبولها لـ الانتداب البريطاني، ففى أبريل 1920 اجتمع مندوبو "دول الاتفاق" (فرنسا وبريطانيا بعد خروج روسيا منه) المنتصرة فى الحرب العالمية الأولى فى مدينة سان ريمو الإيطالية فيما سُمّى مؤتمر سان ريمو لتعديل اتفاقية سايكس-بيكو وتقرير الشكل النهائى لتقسيم الأراضى التى احْتُلت من الدولة العثمانية. فى هذا المؤتمر اتفق الطرفان على منح فلسطين لبريطانيا وتعديل المتفق عليه سابقاً.
وفى فترة ضعف الدولة العثمانية أخذت الدول الأوروبية الكبرى تتصل بالقوى المحلية فى لبنان، وبدأت تحرضهم ضدها لتنال من ضعفها، كما أن بعض القوى المحلية أخذت تتصل بالدول الأوروبية لتدعم مكانتها المحليّة ضد القوى المحليّة الأخرى المنافسة لها.
وبقى لبنان تحت الحكم العثمانى حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث انسحبت القوات التركية وتنازلت عن لبنان للفرنسيين، وحلت محلها القوات الفرنسية، وأثناء الحرب الإيطالية التركية، وصلت السفن الحربية الإيطالية عام 1912 إلى مقربة من بيروت وأطلقت نيرانها على السفن التركية الراسية فى الميناء، مما سمح لفرنسا بالإعلان أن لها مصالح خاصة فى سوريا ولبنان وأنها لن تتخلى عن مواقعها التقليدية فيهما ولا عن حقها بالدفاع عن مصالحها.، إقتسمت بريطانيا وفرنسا بلاد الشام والعراق، ووقع لبنان وسوريا تحت الإستعمار الفرنسي. وفى عام 1926 انشأ الفرنسيون الجمهورية اللبنانية، والتى تعبر بداية التاريخ الحديث للبنان وانتخب شارل دباس كأول رئيس للبنان.