هاجر النبى، عليه الصلاه والسلام، إلى المدينة المنورة، وهناك أقام حياة (دنيا ودين) وقد تحدث كتاب "البداية والنهاية" لـ الحافظ بن كثير عن بعض الأحداث التى وقعت فى بدايات الذهاب إلى المدينة المنورة ومنها:
فصل فى سرية حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه
قال ابن جرير، وزعم الواقدى، إن رسول الله ﷺ عقد فى هذه السنة فى شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجرة لحمزة بن عبد المطلب لواء أبيض فى ثلاثين رجلا من المهاجرين ليعترض لعيرات قريش، وأن حمزة لقى أبا جهل فى ثلاثمائة رجل من قريش فحجز بينهم مجدى بن عمرو ولم يكن بينهم قتال.
قال: وكان الذى يحمل لواء حمزة أبو مرثد الغنوي.
فصل فى سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب
قال ابن جرير: وزعم الواقدى أيضا: أن النبى ﷺ عقد فى هذه السنة على رأس ثمانية أشهر فى شوال لعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف لواء أبيض وأمره بالمسير إلى بطن رابغ.
وكان لواؤه مع مسطح بن أثاثة فبلغ ثنية المرة وهى بناحية الجحفة فى ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وأنهم التقوا هم والمشركون على ماء يقال له: أحياء وكان بينهم الرمى دون المسابقة.
فقال الواقدي: وكان المشركون مائتين عليهم أبو سفيان صخر بن حرب وهو المثبت عندنا.
وقيل: كان عليهم مكرز بن حفص.
فصل فى سرية سعد بن أبى وقاص إلى الخرار
قال الواقدي: وفيها - يعني: فى السنة الأولى فى ذى القعدة - عقد رسول الله ﷺ لسعد بن أبى وقاص إلى الخرار لواء أبيض يحمله المقداد بن الأسود.
فحدثنى أبو بكر بن إسماعيل، عن أبيه، عن عامر بن سعد، عن أبيه.
قال: خرجت فى عشرين رجلا على أقدامنا، أو قال: أحد وعشرين رجلا، فكنا نكمن النهار ونسير الليل حتى صبحنا الخرار صبح خامسة، وكان رسول الله ﷺ قد عهد إلى أن لا أجاوز الخرار، وكانت العير قد سبقتنى قبل ذلك بيوم.
قال الواقدي: كانت العير ستين وكان من مع سعد كلهم من المهاجرين.
قال أبو جعفر بن جرير (رح) وعند ابن إسحاق (رح) أن هذه السرايا الثلاث التى ذكرها الواقدى كلها فى السنة الثانية من الهجرة من وقت التاريخ.
قلت: كلام ابن إسحاق ليس بصريح فيما قاله أبو جعفر (رح) لمن تأمله كما سنورده فى أول كتاب (المغازي) فى أول السنة الثانية من الهجرة وذلك تلوما نحن فيه إن شاء الله، ويحتمل أن يكون مراده أنها وقعت هذه السرايا فى السنة الأولى، وسنزيدها بسطا وشرحا إذا انتهينا إليها إن شاء الله تعالى.
والواقدى عنده زيادات حسنة، وتاريخ محرر غالبا فإنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق فى نفسه مكثار كما بسطنا القول فى عدالته وجرحه فى كتابنا (الموسوم بالتكميل فى معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) ولله الحمد والمنة.