تسببت الرسومات المسيئة التى نشرتها مجلة "شارل إيبدو" الساخرة فى موجة غضب واسعة تجاه الدولة الفرنسية، خاصة بعد تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والتى فسرها البعض على أنها تتهم الإسلام بالإرهاب وتدافع عن الرسومات المسيئة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم.
ورغم أن العلاقة تبدو متوترة بين العالم الإسلامى وفرنسا، لكن العلاقات التاريخية بين الجانبين كانت دائما فى صعود وهبوط، ويكفى أن فرنسا كانت أول دولة تترجم القرآن الكريم فى العالم، حيث كان صاحب فكرة أول ترجمة للقرآن الكريم هو الراهب "بيتر المحترم" رئيس دير "كلونى" فى فرنسا سنة 1143م، حيث قام بالترجمة كل من الراهبان "روبرت" و"هرمان".
لكن بعيدًا عن ترجمة القرآن الكريم، الخلافات الدائرة الآن بين فرنسا وجموع المسلمين من جهة أخرى، متى دخل الإسلام لأول مرة فى بلاد "الفرنجة" كما يطلق على فرنسا، نسبة إلى الإفرنج أو الفرنجة أو الفرنسيس، وهم السكان الأصليين لفرنسا.
وفقا للمرصد الفرنسى لقضايا الإسلام، نقلا عن المؤرخ الفرنسى فرانسوا كليمان أستاذ متخصص فى تاريخ اسبانيا، ومدير قسم الدراسات العربية بجامعة نانت، فأن أول دخول للمسلمين فى منطقة ما وراء البيرينى كان ما بين عامى 714-715م، وفى سنة 720 م تمت السيطرة الإسلامية على منطقة ناربون بقيادة السمح بن مالك الخولاني، الذى توغل حتى وصل إلى تولوز، ثم استشهد فى معركة بها، فى يوم 9 يونيو 721م، كان السمح بن مالك الخولانى، والى عمر بن عبد العزيز على الأندلس.
أما المؤرخ الفرنسى فيليب، فلا يبتعد فى رأيه عن رأى فرانسوا كليمان، إذ يعتبر أن منطقة ناربون سقطت فى قبضة الجيوش الإسلامية فى منتصف سنة 719 م، أى فى شهر ذى الحجة من سنة 100 للهجرة، وكان الجيش آنذاك تحت إمرة السمح بن مالك الخولانى (ت.721م).
ومن الأدلة على دخول المسلمين لفرنسا فى تلك الفترة، اكتشاف بعض الباحثين فى علم الآثار لعدة عملات نقدية إسلامية فى منطقة "آكِتيْن" ومنطقة ناربون، الواقعتين جنوب فرنسا، ويرجع عمر هذه العملات إلى القرن الثامن الميلادى، وبالتحديد سنة 95 للهجرة (715-716 م)، أى فى عصر الأمويين، مما يعنى أنه كان فى تلك المناطق الفرنسية حكم إسلامى بشكل ما.