الكتاب والفنانون عالم غريب، الاعتماد الأساسى على العاطفة، وأحيانا كثيرة تكون هذه العاطفة باعثة على الإبداع وفى أحيان كثيرة تكون "مدمرة" للنفس، ومن ذلك ما حدث مع الكاتب الإيطالى تشيزارى بافيزى، الذى انتحر بعد 9 أيام من الانتهاء من مذكراته "مهنة العيش".
ويقول تشيزارى بافيزى إن "فن العيش هو فن معرفة كيف تصدق الأكاذيب" وهذه الجملة محورية فى فهم شخصيته وكتاباته، فقد عاش "بافيزى" فى الفترة بين 9 سبتمبر 1908 - 27 أغسطس 1950م، وهو شاعر وروائى وناقد فنى ومترجم إيطالى، ويعد من أهم الأدباء الإيطاليين فى القرن العشرين.
أحبّ بافيزى امرأتين "الفتاة ذات الصوت الأجشّ"، المناضلة المجهولة الاسم التى عرفها على مقاعد الجامعة، والتى سجنه الفاشيون بسببها ورفض أن يشى بها، وحين خرج من السجن عام 1936، وجدها قد تزوّجت بغيره ، ثم التقى الأمريكية "كونستانس داولينج" عام 1947، لكنّها سرعان ما هجرته بدورها وعادت إلى بلادها.
كان تشيزارى بافيزى مهووسا بفكرة الانتحار يفكر فيها طوال الوقت، يكتب عنها ويبررها، لكن أحدا لم يصدق أنه عندما كتب فى نهاية مذكراته جملة "لن أكتب بعد اليوم" أنه قد قرر الانتحار بالفعل، وهذا ما حدث عندما ابتلع أقراصا مهدئة بجرعة زائدة فى غرفة داخل فندق فى السابع والعشرين من شهرأغسطس عام 1950، ومات.
وقد كتب بافيزى "مهنة الحياة" و"الصيف الجميل" و"القمر والنار" و"الرجل الوحيد"، وكتب أيضاً "قبل أن يصيح الديك".
الشاهد فى الأمر أن تشيزارى بافيزى لم يقصد من يومياته أن تكون مخصصة للنش، ولكنه فى آخر أيام حياته غيّر قصده بإضافة عنوان لليوميات "مهنة العيش".