جاء الإنسان إلى الأرض وجاءت معه الصحة والمرض، وقد نظرت كل حضارة إلى تفسير المرض بطريقتها الخاصة، واليوم نتوقف مع الحضارة السومرية، ونعتمد على كتاب "بخور الآلهة" لـ خزعل الماجدى، الذى كتب تحت عنوان "آلهة الطب وشياطينه":
تقوم الفلسفة الدينية للطب السومرى على مسألة فى غاية الأهمية أصبحت أساسا مهما للطب العراقى القديم، وربما للطب القديم بأكمله وهى، أن سبب نشوء الأمراض إنما غضب إلهى يحل على الإنسان بسبب خطأ ارتكبه، ولذلك كانت الآلهة تأمر بإحلال لعنة المرض كنوع من اللعنات التى قد تؤدى إلى الموت.
لكن الآلهة لا تقوم بنفسها بإحداث المرض بل تأمر به وتسخر كائنات العالم الأسفل للقيام به من آلهة إلى شياطين إلى أرواح موتى، وفى ذلك ترميز واضح إلى أن المرض هو ضربة من العالم الأسفل أى من عالم الموت لإحلال الموت نهائيا.
المرض إذن ريح قادمة من عالم الموت، ويعد الإله "أنكى" ويسمونه "أيا" رب الطب الأعلى، وهو يميل إلى الشفاء والصحة، فهو إله الماء الذى هو مادة الطب، لكن الإله "أنو" والإله "أنليل" هما الإلهان اللذان يأمران فى الغالب بإحداث الأمراض، ويستخدمان فى ذلك آلهة النار "كيرا ونسكو" وآلهة العالم السفلى "نركال" و"نمتار" و"إيرا" وشياطين العالم السفلى المختصة بالأمراض.
لكن الغريب فى الأمر أن الأساس الفكرى الذى يقوم عليه الشفاء من الأمراض مشابه للأساس الذى يقوم عليه السحر.
ويقوم الكاهن المعزم فى الغالب "الأشيبوم" بالتوسط بين المريض والآلهة، فيتوسلها لأن ترفع عن المريض غضبها، وتتعد نيابة عن المريض بأنه يقوم بأداء واجباته نحو الآلهة كما يجب.
وهكذا تأمر الآلهة تلك الشياطين بالكف عن أذى المريض، ويحتاج المريض إلى بعض الأمور الطقسية ليتم ذلك، كما يحتاج إلى "أسو" ليقوم بإعطائه الأعشاب والأدوية.