يظل الإنسان هو اللغز الأكبر فى الكون، وتظل الدراسات تنبش فى ماضيه، باحثة عن إجابة لكثير من الأسئلة، واضعة نظريات لرحلة الإنسان الأول، أين نشأ وإلى أين اتجه؟
ويقول كتاب "كيف بدء الخلق" لعمرو شريف والصادر عن مكتبة الشروق الدولية، كانت هناك نظريتان حول نشوء الإنسان الحديث، ترى الأولى أن كل السلالات الحالية قد انحدرت من الإنسان منتصب القامة، فى وقت واحد فى أماكن متفرقة، حيث غطى التوزيع الجغرافى لهذا الكائن المنطقة ما بين شرق أفريقيا وجنوبها إلى شرق آسيا، وتسمى هذه النظرية "النشأة متعددة المناطق".
أما النظرية الثانية فترى أن سلاسة الإنسان منتصب القامة التى عاشت فى شرق أفريقيا قد تطورت إلى الإنسان الحديث هناك، ثم تفرقت عشائر هذا الكائن خارج أفريقيا، وكان يعتقد أن هذه النظرية قد فقدت صلاحيتها ولكن علم البيولوجية أثبت أن الإنسان الحديث بتوزيعاته الجغرافية المختلفة انطلق من مكان واحد منذ حوالى 170 ألف سنة، وبذلك كانت القضية أن تحسم لصالح نظرية "انطلاقا من أفريقيا".
وقد أثبتت الـ dna أن إنسان "كرو – مانيون" لم ينشأ من النياندرتال، بل إن كليهما نشأ من إنسان أسبق هو الإنسان منتصب القامة الذى تفرع إلى فرعين: أحدهما أدى إلى النياندرتال والثانى إلى الإنسان "الكرو – المانيون"، فهم أصلا أبناء عمومتنا وليسوا أجدادنا.
وتظهر الأدلة القوية أن إنسان كرو – مانيون" الذى ظهر فى أفريقيا منذ 130- 170 سنة قد هاجر منها إلى الشرق الأوسط ثم إلى أوروبا، وفى هذه الأماكن عاش مع إنسان نياندرتال لبضعة آلاف من السنين قبل أن يحل محله تماما (حلول استبدال وليس حلول تطور أو ذوبان) منذ حوالى 34 ألف سنة.
ومنذ 13 ألف سنة هاجر الإنسان الحديث من أوروبا إلى أمريكا الشمالية عن طريق شمال شرق سيبيريا حيث كان هناك جسر عريض من اليابسة بين سيبيريا وآلاسكا استمر حتى ذابت المثالج بعد العصر الجليدى ومن أمريكا الشمالية اتجه الإنسان الحديث صوب أمريكا الجنوبية.