نقرأ معًا كتاب "داعش وأسلحة الدمار الشامل" لـ الكاتب العراقى الدكتور معتز محيى عبد الحميد، فالمعروف أن ظاهرة امتلاك أسلحة الدمار الشامل والسلاح الكيماوى تحديدًا لقوى الإرهاب تهدد بقاء الدولة القومية والسيادة الوطنية للدولة على أراضيها واستقلالها السياسى، فلم تعد هذه الأسلحة الخطرة والفاتكة محصورة فى منطقة واحدة أو بلد معين، بل أصبح سلاحًا استخدمه مقاتلو ما يعرف بالدولة الاسلامية – داعش – بديلاً عن الأسلحة الحربية الأخرى فى مناطق واسعة من العراق وسوريا وليبيا، ما زاد الأمر خطورة من التطور النوعى لهذه الأسلحة، من خلال توظيفها آليات التكنولوجيا المتقدمة فى العمليات الإرهابية، حيث أصبح تنظيم داعش يمتلك إمكانات تفوق إمكانات بعض الدول الصغيرة .
وفى هذا الكتاب يتساءل الدكتور معتز: لماذا تضاء بعض الحروب بقوة، مثل فيتنام وحروب البلقان وحروب الخليج، فيما تُدفن حروب أخرى وكأنها لا تقع فى نفس الكوكوب مثل حروب تحرير المدن فى العراق من مسلحى داعش التى استمرت أشهرا وسنوات وشهدت كوارث بيئية وإنسانية كبيرة، من هذه الرؤية يرسم المؤلف صورة شاملة للأزمة الإنسانية التى شهدتها المدن العراقية فى حرب يرى أنها جمعت بين كونها حرباً أهلية وعدواناً خارجياً، وهنا تضىء المصالح التى تجعل المؤسّسات الإعلامية فى الغرب تقدّم خبراً عن آخر، وبنفس الطريقة تقدّم وتؤخّر حرباً عن أخرى.
فى توثيق تاريخى للعمليات العسكرية رصد الكاتب الدكتور معتز محيى عبد الحميد تطور الأسلحة الكيماوية واستخدامها من قبل مسلحى داعش فى معاركهم القتالية ضد القوات الأمنية العراقية طيلة حرب تحرير المدن وقبلها فى كتابة الذى صدر حديثا فى دولة الكويت ( داعش وأسلحة الدمار الشامل).
يوضح المؤلف فى أحد فصول الكتاب الستة كيف حاولت داعش منذ استيلائها على مناطق واسعة فى العراق فى حيازة السلاح الكيماوى واستخدامه فى عملياتها القتالية الكثيرة والمتنوعة، فداعش حاولت باستمرار الاستيلاء على مواقع تحتوى مواد تدخل فى صناعة الأسلحة الكيميائية فهو لديه من الخبراء والفنيين المتخصصين فى التعامل معها، كما اجبرت خبراء ومهندسى من المتخصصين فى العلوم الكيميائية على العمل على تطوير هندسة وتكنولوجيا بعض الأسلحة لديها.
وذكر الكاتب أن الحديث عن امتلاك تنظيم داعش للمواد الكيمياوية فى حينها أثار الرعب فى العالم عند الكشف عن أى أدلة جديدة حول وجوده لديها بالعراق أو امتلاكه لأسلحة قادرة على حمل تلك المواد، وخصيصا بعد أن كشفت "قيادة العمليات المشتركة" استخدام التنظيم لأسلحة تحمل مواد كيمياوية كالكلور وغاز الخردل فى عدد من المناطق فى العراق وسوريا سواء ضد القوات الامنية العراقية أو الأمريكية أو الجيش السورى أو المجموعات الإسلامية المسلحة العاملة فى سوريا، كان آخرها ما أعلنت عنه وكالة المخابرات الأمريكية عن استخدام داعش لأسلحة تحمل عنصر الخردل بعد تحليل شظايا مقذوفات استهدفت قاعدة الكيارة القريبة من محافظة نينوى شمالى العراق حيث يتواجد المئات من الجنود الأمريكان هناك.
والمؤلف يصل لمجموعة من النتائج المهمة عندما يتنا ول فى فصول الكتاب الأولى كيف العراق فى الثمانينات من القرن الماضى طور الملف الكيماوى بمساعدة خبرات أجنبية وباحثين عراقيين أرسلوا وتدربوا فى الخارج، وبدا بتطوير أنواعه واستخداماته فى أسلحته المتنوعة التى استخدمت فى حروبه مع الأكراد ومع دول الجوار، و كان لابد من العودة إلى تاريخ بداية هذه القدرة التدميرية و العوامل التى ساهمت فى تمكينه من اقتناء هذه الأسلحة كذلك لا بد من معرفة آلية إدارة هذه المؤسسات وهيكليتها والشروط الواجب توفرها فى العناصر العاملة فى هذه البرامج التدميرية.
ويرصد المؤلف الدكتور معتز محى فى كتابة تقارير لجان التفتيش التى دمرت أسلحة الدمار الشامل المختلفة التى أنتجتها معامل التصنيع العسكرى وتأثير الأسلحة الأمريكية التى استخدمت فى حرب الخليج على البيئة العراقية وكيف حصل تنظيم داعش على أسلحته، ويكشف حقائق صادمة ومؤلمة والأكثر صدمة كانت تفاصيل هذه الأسلحة، التى تُظهر براعة وذكاء هائلاً لأعضاء هذا التنظيم وكذلك وحشيتهم التى لا نظير لها.