كانت آخر المجموعات القصصية التى صدرت للأديب الكبير الراحل محمد البساطى، هى المجموعة التى جاءت تحت عنوان "فراشات صغيرة" وصدرت عام 2012، عن دار الهلال.
فى مجموعته القصصية "فراشات صغيرة" الصادرة عن دار الهلال، كشف محمد البساطى عن تمسكه بالسمات الفنية لعالمه الراسخ، هذا العالم الواقف فى منطقة غامضة بين ما هو واقعى وما هو فانتازى يفوق الخيال، وعلى صعيد المعاينة المكانية يفضل البساطى اللعب فى الملعب المحجوز له فى ساحة الابداع المصرى منذ منتصف الستينيات حيث الغرام بكتابة المسكوت عنه فى الريف، والتقاط هوامشه المهملة، الى جانب تأمل دقيق لعوالم السجن وما تطرحه من تساؤلات عن معنى الحرية وقيمتها وما تفعله الأسوار فى الأرواح، وعلى خجل قد تتسرب أحوال المدينة وقضاياها.
وتستعيد إذن مجموعة البساطى عالم المدن الصغيرة، الضائعة فى همومها، كما يجدد الكاتب فيها عقد تعاطفه مع النساء المقهورات، اللائى يحتفظن بمساحات هائلة فى السرد ويحضرن كاملات الأنوثة، لكن بطاقة منهكة ومزاج مؤجل يكشف عن حجم القمع الذى يتعرضن له، لكن همس الغواية لا يغيب كما فى قصة «حديث فوق السطوح» أو فى قصة «امراة من الضفة الأخرى»، «شقة من حجرتين» والأخيرة قصة ذات طابع عبثى، تفيض بسخرية مؤلمة، يكتبها البساطى باقتدار يتكرر فى قصة أخرى عنوانها «سينما» تروى تجربة فلاح أسس أول دار سينما فى قريته، تنحاز هذه القصة لمتع الحياة كلها وتراهن على اهمية مقاومة القبح بجميع صوره، مؤكدة أن الانتصار سيكون دائما لأولئك القادرين على صناعة «نظرية البهجة»، بحسب ما قاله الكاتب سيد محمود.
محمد البساطى (1 نوفمبر 1937 - 14 يوليو 2012 )، أديب مصري، له حوالى عشرين عملاً ما بين الروايات والمجموعات القصصية، من رواياته: "التاجر والنقاش" (1976)، "المقهى الزجاجي" (1978)، "الأيام الصعبة" (1978)، "بيوت وراء الاشجار" (1993)، "صخب البحيرة" (1994)، "أصوات الليل" (1998)، "ويأتى القطار" (1999)، "ليال أخرى" (2000)، "الخالدية"، جوع (رواية) والتى رشحت للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية فى دورتها الثانية، وله عدة مجموعات قصصية منها: "الكبار والصغار" (1968)، "حديث من الطابق الثالث" (1970)، "أحلام رجال قصار العمر" (1979)، "هذا ما كان" (1987)، "منحنى النهر" (1990"، "ضوء ضعيف لا يكشف شيئاً" (1993)، "ساعة مغرب" (1996)، حصل على العديد من الجوائز والتكريمات منها جائزة أحسن رواية لعام 1994م بمعرض القاهرة الدولى للكتاب عن روايته الموسومة صخب البحيرة، وجائزة "سلطان العويس" فى الرواية والقصة لعام 2001م مناصفة مع السورى زكريا تامر، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 2012.