تراجعت أسعار المعدن النفيس فى مصر بقيمة 10 جنيهات، اليوم السبت، وذلك بالتزامن مع استمرار هبوط سعر اونصة الذهب عالميا، والتى تراجعت من 1805 إلى 1789 دولار حتى صياغة هذا التقرير، مع اتجاه المستثمرين نحو الأسهم والدولار بديلا للذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
وتبدو العلاقة بين الدولار والذهب وثيقة، فانهيار أى منهم يؤثر سلبا على الآخر، ومنذ عقود اعتمد على العالم على ما يعرف بـ غطاء الذهب ويسمى أيضاُ قاعدة الذهب أو نظام الذهب الدولي، وهو نظام مالى يستعمل فيه الذهب كقاعدة لتحديد قيمة العملة الورقية، وكان بناء على هذا النظام تقييم عملة بلد ما، ويقوم البلد الذى يتبنى هذا النظام بتحويل أى عملة لديه إلى ذهب بعدما يوافق على اعتماد أسعار ثابتة لبيع وشراء الذهب، وقد كانت المملكة المتحدة أول بلد يتبنى قاعدة الذهب وذلك فى عام 1821م.
وكان بداية تخلى الدول عن الذهب عام 1914، لتسهل الدول على نفسها طبعة المال اللازم للحرب العالمية الاولى، لأن حكومات أزمنة الحرب تعلم إنها غير قادرة على تمويل الحرب عن طريق زيادة الضرائب أو الاقتراض من المصارف، وواصل الضخ المفرط للمال فى الانهيار الاقتصادى الذى ضرب أوروبا عام 1929.
فيما أثر نظام معيار الذهب على قدرة كبرى الشركات على طباعة المال اللازم لتزويد الشركات بقروض، وأمام العجز التجارى الكبير، فإن احتياطات الذهب تنضب، وهذا ما واجهته الولايات المتحدة فى ظل حرب فيتنام، ولم تستطيع استبدال عملتها بالذهب، واضطرت للانسحاب هى الأخرى عام 1971.
ومنذ إلغاء الغطاء الذهبى من على عملة الدولار الأمريكي، اختفى (النقد المعدني) وأصبحت المعاملات بما يسمى (العملة الورقية) المطبوعة باتت مبنية على مفاهيم أخرى
كانت الولايات المتحدة تمتلك 75% من ذهب العالم لوحدها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان الدولار الأمريكى هو العملة الوحيدة على مستوى العالم المُغطاة بالذهب (بقية الدول تخلّت عن تغطية عملاتها بالذهب بعد حصول تضّخمات فى اقتصاداتها)، مما دفع عددًا كبيرًا من دول العالم إلى العمل على تكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلًا كاحتياطي، وصارعدد كبير من هذه الدول يستخدم عملة الدولار كاحتياطى النقد الأجنبي.
خاضت الولايات المتّحدة حرب فيتنام من العام 1956م – 1975م، وكالمعتاد، احتاجت الولايات المتّحدة إلى المزيد من الدولارات لتغطية تكاليف الحرب، ولكن الدولارات لم تكفي، لأن الذهب الموجود فى الولايات المتحدة (بل والعالم) لم يعد كافيًا ليغطّى الدولار الأمريكي، لم يعد بالإمكان طباعة المزيد من الدولارات لأنّ الذهب الموجود لم يعد كافيًا لتغطيتها، وبالتالى قامت الولايات المتّحدة بتجاوز الحد الأعلى المسموح من الدولارات المطبوعة، وقامت بطبع دولارات غير مغطاة بالذهب دون أن تعلم أحدا بذلك.
أصبح الذهب حرا بعدها ولم يعد أحد يتحكّم فيه سوى العرض والطلب، وأصبحت جميع العملات بما فيها الدولار الأمريكى تقف على أرضٍ واحدة وصارت كلّها عملاتٍ إلزامية ورقية لا قيمة لها فى الواقع سوى التزام الحكومات بها. انخفضت قيمة الدولار 40 ضعفًا من عام 1973 إلى الآن وارتفع سعر الذهب بشكلٍ جنوني، وأصبح سلعةً عادية مثله مثل الفضّة والبلاتين وغيرها، ويرى الباحثين أنها كانت صدمة حقيقية للدول على مستوى العالم، إنّها خدعة تمّ خداع العالم بأسره بها، فبعد أن كانت تعمل على مرّ السنوات لتكديس الدولار الأمريكى كاحتياطى للنقد الأجنبى لتستبدله بالذهب عندما تريد.