تمر اليوم الذكرى الـ778 على تولى الخليفة أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله خلافة الدولة العباسية، حيث كان آخر خليفة عباسى فى بغداد، حكم بين عامى 1242 و1258 بعد أبيه المستنصر بالله، وفى عام 656 هـ /1258 غزا المغول بقيادة هولاكو خان الدولة العباسية، ووصل إلى الحكم فى 5 ديسمبر عام 1242.
ويرى المؤرخون أن سبب سقوط بغداد هو جهل المستعصم، حيث صرف الجيش ولم يبق فى آخر أيامه إلا عشرة آلاف مقاتل، ما كان سببًا فى دخول جيش هولاكو بغداد وقتل مليون وثمانمائة ألف مسلم، وقُتِل المستعصم وانتهت الخلافة العباسية بسقوط بغداد.
ورأى المستعصم أن أسهل وأفضل حل أن يبرم مع التتار اتفاقًا يتم بمقتضاه تخفيض عدد الجيش العباسى من مائة ألف مقاتل فى كافة الأراضى العباسية إلى أقل من عشرين ألفًا، ويعطى فى المقابل جزية سنوية لهم، وبهذا لم يعد من المتوقع حدوث الصدام العسكرى بين الفريقين، كما ظن المستعصم.
وكان صراع مراكز القوى فى الدولة العباسية على أشده، فهناك ثلاثة أشخاص كانوا أكابر رجال الدولة حينها، هم مؤيد الدين العلقمى الوزير ورئيس ديوان الخلافة، وإقبال الشرابى قائد الجيش، ومجاهد الدين الدويدار الرجل الثانى فى قمة الجيش.
كان رأى القائد العسكرى مجاهد الدين أيبك أن يبادر العباسيون بمواجهة التتار، لأنهم إن عاجلاً أم آجلا سيدخلون العراق، ولن يقنعوا أبدا بالمال المرسل إليهم سنويًا، وحفظ لنا التاريخ مقولته: «لو مكننى أمير المؤمنين المستعصم لقهرت التتار، ولشغلت هولاكو بنفسه»، أما المستعصم فكان عازفًا عن سماع نصيحة قادة جيوشه، غير آبه لهم، فقط يقتنع بما يمليه عليه ابن العلقمي، ولذلك لا نستغرب الوصف المتكرر فى وصف المؤرخين المعاصرين له وغير المعاصرين بأنه "ضعيف الرأي".
أحد هؤلاء المؤرخين هو كمال الدين ابن الفوطى، وهو قريب من زمن سقوط بغداد، يروى مأساة حال الجيش العباسى الذى صار يتسول جنوده وقادته فى الأسواق حينذاك، قائلاً، "كان الخليفة قد أهمل حال الجند ومنعهم أرزاقهم وأسقط أكثرهم من دساتير ديوان العرض (أسقط رواتبهم وفصلهم من وزارة الجيش)، فآلت أحوالهم إلى سؤال الناس، وبذل وجوههم فى الطلب فى الأسواق والجوامع.