بدأت السنة الهجرية الثالثة، وقد وقعت فيها الكثير من الأحداث منها غزوة نجد، فما الذى يقوله عنها التراث الإسلامي؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "سنة ثلاث من الهجرة غزوة نجد"
سنة ثلاث من الهجرة فى أولها كانت: غزوة نجد ويقال لها: غزوة ذى أمر
قال ابن إسحاق: فلما رجع رسول الله ﷺ من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذى الحجة أو قريبا منها، غزا نجدا يريد غطفان وهي: غزوة ذى أمر.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عثمان بن عفان.
قال ابن إسحاق: فأقام بنجد صفرا كله أو قريبا من ذلك، ثم رجع ولم يلق كيدا.
وقال الواقدي: بلغ رسول الله ﷺ أن جمعا من غطفان من بنى ثعلبة بن محارب تجمعوا بذى أمر يريدون حربه، فخرج إليهم من المدينة يوم الخميس لثنتى عشرة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث.
واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، فغاب أحد عشر يوما وكان معه أربعمائة وخمسون رجلا، وهربت منه الأعراب فى رؤوس الجبال، حتى بلغ ماء يقال له ذو أمر فعسكر به، وأصابهم مطر كثير، فابتلت ثياب رسول الله ﷺ، فنزل تحت شجرة هناك ونشر ثيابه لتجف، وذلك بمرأى من المشركين.
واشتغل المسلمون فى شؤونهم، فبعث المشركون رجلا شجاعا منهم يقال له غورث بن الحارث، أو دعثور بن الحارث فقالوا: قد أمكنك الله من قتل محمد، فذهب ذلك الرجل ومعه سيف صقيل، حتى قام على رسول الله ﷺ بالسيف مشهورا، فقال: يا محمد من يمنعك منى اليوم؟
قال: الله، وقد دفعه جبريل فى صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله ﷺ فقال: من يمنعك منى؟ قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعا أبدا، فأعطاه رسول الله ﷺ سيفه، فلما رجع إلى أصحابه فقالوا: ويلك ما لك؟
فقال: نظرت إلى رجل طويل فدفع فى صدرى فوقعت لظهرى، فعرفت أنه ملك وشهدت أن محمدا رسول الله، والله لا أكثر عليه جمعا، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام.
قال: ونزل فى ذلك قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ" الآية [المائدة: 11]
قال البيهقي: وسيأتى فى غزوة ذات الرقاع قصة تشبه هذه فلعلهما قصتان.
قلت: إن كانت هذه محفوظة فهى غيرها قطعا، لأن ذلك الرجل اسمه غورث بن الحارث أيضا، لم يسلم بل استمر على دينه، ولم يكن عاهد النبى ﷺ أن لا يقاتله، والله أعلم.