مات فى المرحلة الأولى، من الأنفلونزا الأسبانية (1918- 1919) ما بين 50 إلى 100 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم، وقد كان الوباء الأكثر فتكًا بالعالم منذ طاعون الموت الأسود.
ويقول خبراء الأمراض المعدية، إن الأمر الأكثر لفتًا للانتباه بشأن إنفلونزا عام 1918 هو أنها لم تختف أبدًا، بعد إصابة ما يقدر بنحو 500 مليون شخص في جميع أنحاء العالم فى عامى 1918 و1919 (ثلث سكان العالم)، انحسرت سلالة H1N1 التي تسببت في الأنفلونزا الإسبانية في الخلفية وظلت عالقة مثل الإنفلونزا الموسمية العادية، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع هيستورى.
كان جيفرى تاوبنبيرج جزءًا من الفريق العلمى الرائد الذى قام أولاً بعزل وتسلسل جينوم فيروس إنفلونزا عام 1918 فى أواخر التسعينيات، وتضمنت العملية المضنية استخراج الحمض النووى الريبى الفيروسى من عينات الرئة التي تم تشريحها المأخوذة من الجنود الأمريكيين الذين ماتوا بسبب إنفلونزا عام 1918، بالإضافة إلى رئة واحدة مريضة محفوظة فى التربة الصقيعية فى ألاسكا لما يقرب من 100عام.
ويشرح تاوبنبيرج، أن التحليلات الجينية لأنفلونزا عام 1918 تشير إلى أنها بدأت على أنها إنفلونزا طيور ومثلت سلالة فيروسية جديدة تمامًا عندما حققت قفزة للبشر قبل عام 1918 بقليل، أظهرت الاختبارات المعملية لفيروس 1918 المعاد بناؤه أن البروتينات المشفرة الجديدة للفيروس في شكله الأصلي جعلته أكثر فتكًا بالفئران 100 مرة من الإنفلونزا الموسمية الحالية.
وضربت جائحة عام 1918 بثلاث موجات متميزة خلال فترة 12 شهرًا، ظهرت لأول مرة في ربيع عام 1918 فى أمريكا الشمالية وأوروبا إلى حد كبير فى خنادق الحرب العالمية الأولى، ثم عاودت الظهور فى أكثر أشكالها دموية فى خريف عام 1918، ما أسفر عن مقتل عشرات الملايين من الأشخاص فى جميع أنحاء العالم من سبتمبر إلى نوفمبر، واجتاحت الموجة الأخيرة أستراليا والولايات المتحدة وأوروبا فى أواخر شتاء وربيع عام 1919.
ولكن هل "اختفت" انفلونزا عام 1918 بعد الموجة الثالثة؟ بالتأكيد لا، فمنذ أن تعرض العالم كله للفيروس، بدأت سلالة 1918 في التحول والتطور، وظهرت نسخ معدلة قليلاً من إنفلونزا عام 1918 في شتاء 1919-1920 و1920-1921، لكنها كانت أقل فتكًا بكثير ولا يمكن تمييزها تقريبًا عن الأنفلونزا الموسمية.