شهد محصول البطاطس انخفاضا كبيرا فى الأسعار ليصل سعر الطن إلى 100 جنيه بعد أن كان بـ10 آلاف جنيه، بسبب انخفاض الطلب على التصدير بسبب سياسات الإغلاق التى لجأت لها دول كثيرة مع أزمة انتشار فيروس كورونا، بينما أكد خبراء أن المحصول يتعرض لسياسة إغراق محذرين من عزوف المزارعين عن الزراعة الموسم المقبل مطالبين بالتدخل العاجل من قبل الدولة لحماية الأمن الغذائى.
ومحصول مثل البطاطس لم يكن له وجود فى مصر القديمة، فمن المعروف أنه من المحاصيل التى لم يعرفها العالم إلا بعد اكتشاف الأمريكتين (العالم الجديد)، مثله مثل الباذنجان الذى لم يكن معروفاً هو الأخر، غير انه عُرف فى مراحل متأخرة من تاريخ مصر، وللأسف ليس من المعروف كيف كان يتم تحضير كل تلك الخضروات آنذاك بشكل كامل.
أما عن تاريخ ظهور البطاطس، فيذكر أنه أول ظهور لذلك المحصول كان عندما نجح المزارعون فى جبال الإنديز فى تحسين وزراعة أول محصول للبطاطس بالقرب من بحيرة تيتيكاكا، على بعد نحو ألف كيلومتر من العاصمة البيروفية، ليما. ومنها انتشرت البطاطس عبر سلسلة جبال كورديليرا، وأصبحت تشكل الغذاء الأساسى للمجتمعات الأصلية، مثل شعب الإنكا.
وبحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية "bbc" وفى عام 1532، قضى الغزو الفرنسى على حضارة الإنكا، لكن زراعة البطاطس ظلت باقية، إذ حمل الغزاة الإسبان درنات البطاطس، كشأن المحاصيل الأخرى كالطماطم والأفوكادو والذرة، عبر الأطلنطي، وخرجت البطاطس للمرة الأولى فى التاريخ من الأمريكتين.
غير أن الدرنات لم تتأقلم بسهولة مع الطقس فى إسبانيا وغيرها من البلدان الأوروبية، إذ كانت ساعات النهار فى المنطقة الاستوائية التى كانت تزرع فيها ثابتة على مدار العام، على عكس البلدان الأوروبية التى يطول فيها النهار صيفا. وكانت الدرنات تنمو فى المقابل فى فصل الخريف قبل تكوّن الصقيع فى فصل الشتاء.
وفى القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان فدان واحد مزروع بالبطاطس فى أيرلندا وبقرة واحدة يكفيان لإطعام عائلة من ستة أو ثمانية أفراد، ولهذا أسرت البطاطس قلوب الفلاحين الأيرلنديين والبريطانيين لقرون.
ومن الجزر البريطانية، انتشرت البطاطس إلى شمال أوروبا، حيث زُرعت فى هولندا وألمانيا وبولندا ووصلت إلى روسيا فى الأربعينيات من القرن التاسع عشر، وسرعان ما اكتشف المزارعون فى أوروبا التى مزقتها الحروب والصراعات آنذاك، ميزة أخرى للبطاطس، وهى سهولة إخفائها عن جباة الضرائب والجنود الذين كانوا ينهبون أراضى الفلاحين ومخازن الحبوب.
ويقول المؤرخ ويليام ماكنيل إن كل حملة عسكرية على الأراضى الأوروبية بعد عام 1560 كانت تسفر عن زيادة فى مساحات زراعة البطاطس، وبالرغم من أن مؤرخى الطعام ظلوا لعقود يعزون انتشار البطاطس إلى صفوة المجتمع والملوك الذين كانوا يروجون لقيمتها الغذائية، إلا أن إيرل ترى أن الفلاحين هم الذين أدخلوا زراعة البطاطس إلى أوروبا.
وفى القرن الثامن عشر، زاد اهتمام الصفوة بالأطعمة الصحية، وأدركوا أن الدولة تستمد قوتها من قوة شعوبها. ومن ثم تغيرت الحسابات السياسية وزادت أيضا حظوظ البطاطس.