نواصل مع المفكر العربى الكبير محمد عابد الجابرى، قراءة مشروعه الفكرى الكبير، ونتوقف اليوم مع كتاب "العقل الأخلاقى العربى.
ويشكل هذا الكتاب الجزء الرابع والأخير من "نقد العقل العربى" للجابرى، وهو يعد مساهمة جادة فى البحث النظرى فى الأخلاق والفلسفة الأخلاقية عند العرب، ويهدف إلى سد الفراغ فى المكتبة العربية الناجم عن خلوّها من الدراسات الشاملة والتحليلية النقدية لنظم القيم فى الثقافة العربية الإسلامية، وكذلك فى تاريخ الفكر الأخلاقى العربى.
يخوض الجابرى فى هذا الكتاب فى الموروثات الخمسة فى الفكر الأخلاقى للثقافة العربية، وهى: الموروث العربى الخالص، والموروث الإسلامى الخالص، والموروث الفارسى، والموروث اليوناني، والموروث الصوفى، داعياً إلى تحويل التراث العربى الإسلامى من قوقعة إلى لباس مناسب لروح العصر، وهذا، كما يبيّن، هو مشروع "نقد العقل العربي" بأجزائه الأربعة.
يقول "عبد الرحمن عقاب" على goodreads
فى هذا الجزء أكثر "الجابرى" من الاستطراد، وأطال الاقتباسات، خاصة فى دراسته للموروث الفلسفى اليوناني، مما وصل بى إلى حدّ تجاوز كثيرٍ من استطراداته، والتركيز فى خلاصاته.
من "طاعة" فارسية إلى "سعادة" يونانية و"فناء" صوفى، تنازعت العربَ القيم، ومن "المروءة" العربية إلى "العمل الصالح" القائم على معادلة المصلحة والمفسدة تطوّرت القيم وتبلّرت فى العقل العربى الإسلامى العالِم. غير أنّ الواقع المعيش هو الغائب الأكبر فى الكتاب! ما جعل الكتاب إبحارٌ فى التراث كما تحجّر فى الكتب، لا فى التراث كما عاش وانتقل فى قلوب الناس وأحوالهم. ووصل إلينا ووصلنا به.
ولو قدّر لأحدٍ أن يطوّر هذا العمل، لكان مجاله التاريخ. وتطبيق هذه المعايير على حياة الناس وأيّامهم. لنعرف كيف تلاقت وتنازعت نُظم القيم تلك فى واقعهم.