تحتفل الكنائس الغربية "الكاثوليكية والبروتستانتية" اليوم، بأعياد الميلاد والكريسماس، ثان أكبر الأعياد المسيحية بعد عيد القيامة، وفقا التقويمين الجريجورى واليوليانى، والذى يختلف عن احتفال الكنيسة الشرقية والتى تحتفل فى 7 يناير، والمسيح تحدث عنه العديد من الكتاب والمفكرين، عن حياته وسيرته، ومعجزاته ووصاياه، كذلك عن حادثى الميلاد والصلب، اللذين أثير حولهما الكثير فى التاريخ الدينى، وكان من أبرز من تحدث فى هذا الإطار المفكر والأديب الكبير عباس العقاد، الذى أفرد كتابا خاصا عن المسيح فى سلسلة "عبقرياته" أسماه "حياة المسيح.. فى التاريخ وكشوف العصر الحديث".
استهل الأستاذ العقاد هذا الفصل بإيراد الصورة الوصفية للسيد المسيح عليه السلام، التى تداولها المسيحيون فى القرن الرابع الميلادى، وزعم رواتها أنها كتبت بقلم "بيليوس لنتيولس" صديق "بيلاطس" حاكم الجليل من قبل الدولة الرومانية، كان قد رفعها إلى مجلس الشيوخ الرومانى فى عصر الميلاد، وجاء فيها "إنه فى هذا الزمن ظهر رجل له قوى خارقة يسمى يسوع ويدعوه تلاميذه بابن الله وكان للرجل سمت نبيل وقوام بين الاعتدال، يفيض وجهه بالحنان والهيبة معًا، فيحبه من يراه ويخشاه.. شعره كلون الخمر منسرح غير مصقول، ولكنه فى جانب الأذن أجعد لماع، وجبينه صلت ناعم، وليس فى وجهه شية، غير أنه مشرب بنضرة متوردة، وسيماه كلها صدق ورحمة، وليس فى فمه ولا أنفه ما يعاب، وعيناه زرقاوان تلمعان.. مخيف إذا لام أو أنب، وديع محبب إذا دعا وعلم، لم يره أحد يضحك، ورآه الكثيرون يبكى، وهو طويل له يدان جميلتان مستقيمتان، وكلامه متزن رصين لا يميل إلى الإطناب، وملاحته فى مرآه تفوق المعهود فى أكثر الرجال ".
ويقول العقاد إن دعوات النبوة للرسل المبعوثة من الله للبشر هي "ظواهر إلهية" كبرى تُغير الإنسانية، ومن أعظم هذه الظواهر هي نبوة السيد المسيح، فكان الميلاد ذاته معجزة، ثم أجرى الله معجزات أخرى على يد المسيح في مجتمعات كانت غارقة في المادية البحتة.
ويعرض العقاد حال مجتمع بني إسرائيل وأطيافه، وما أصاب الديانة اليهودية مِن تفرُّق لأتباعها وانحراف عن الرسالة الأولى. كما يصف ما ساد مجتمعَهم من ظروف سياسية واجتماعية سبقت ميلاد المسيح، ويحكي قصة الميلاد المُعجز، ثم دعوته التي كانت تقوم على الحب طمعًا في الظفر بملكوت السماء، فتبعه التلاميذ المخلصون (الحواريون) يتعلمون حكمته في إخلاص، لينتشروا في ربوع الأرض يدعون الناس لدينٍ قوامه حب البشر بعضهم البعض، فطوبى لأنقياء القلب.