يفترض علماء الأنثروبولوجيا بعد دراستهم لرفات سكان الأرض القدماء عمره 400 ألف سنة، أنهم كانوا يدخلون فى سبات شتوى كالدببة، حيث أفادت مجلة L'Anthropologie، بأن العديد من الثدييات تدخل فى سبات شتوى، فمثلا الخفاش يدخل فى سبات عميق، والدببة كذلك، وحتى أن بعض أنواع القردة تفضل النوم فى الأوقات العصيبة، وأما الإنسان فليس بمقدوره النوم إلى الربيع، حتى إذا رغب بذلك أحيانا.
ولكن الباحثين اكتشفوا الآن أدلة تشير إلى أن الإنسان فى وقت ما كانت له هذه القدرة. وهذه الأدلة اكتشفها علماء الأنثروبولوجيا فى الرفات الذى عثر عليه فى إسبانيا، وعمر هذا الرفات 430 ألف سنة ويعود إلى قوم هايدلبرغ أو بعض الأنواع البشرية وقتها، أو حتى إنسان النياندرتال الأولي. أى أنها لا تعود للإنسان العاقل Homo sapiens، لأنه فى ذلك الوقت لم يكن موجودا.
وقد أثار انتباه العلماء اكتشافهم تشوهات فى العظام يسببها ارتفاع مستوى هرمون جار درقي، خاصة فى حالة القصور الكلوي. ويشير الخبراء إلى أن هذه التشوهات فى الرفات تظهر فى فترات معينة من السنة، وتشير إلى أن الناس فى هذه الفترة كانوا يعانون من نقص فيتامين D، الذى يتكون فى الجسم بتأثير الأشعة فوق البنفسجية فى الجلد، حسب ما جاء فى روسيا اليوم، وهذا يعنى أن هؤلاء كانوا يقضون فترة قصيرة تحت أشعة الشمس، مع أن طول النهار فى هذه المنطقة ليس قصيرا حتى فى الشتاء، والشيء الآخر الذى أثار انتباه العلماء، هو أنه فى فترة معينة من السنة كان نمو عظام المراهقين بطيئا.
وقد اتضح للباحثين أن زيادة مستوى هرمون جار درقى يحدث أيضا عند الثدييات فى حالة السبات الشتوي، فهل كان الناس يدخلون فى السبات الشتوى قبل 400 ألف سنة؟ ربما هذه أفضل وسيلة للتغلب على قسوة برد الشتاء فى العصر الجليدى، خاصة فى ظروف قلة الغذاء، لأنه خلال فترة السبات، تتباطأ جميع العمليات الفسيولوجية بما فيها نمو العظام، وطبعا نوم الإنسان فى كهوف مظلمة، لا يسمح له بالحصول على ضوء الشمس وبالتالى على فيتامين D.
ويشير المشككون، إلى أن للإنسان بخلاف الدببة والليمور، دماغ كبير ويحتاج إلى تغذية باستمرار. وليس محتملا أن يتمكن الإنسان من إطعام الدماغ خلال فترة السبات الشتوى من احتياطى الدهون المخزنة فى جسمه. وعموما لا يمكن تجاهل الفرضيات الأخرى الأقل جذرية الخاصة بخصائص العظام التى عثر عليها.