تمر اليوم الذكرى الرابعة على رحيل الكاتب الروائى الكبير إبراهيم أصلان، الذى رحل عن عالمنا فى 7 يناير 2012، عن عمر يناهز 77 عاماً، وما زالت أعماله تنبض بيننا.
رحل البوسطجى الذى هوى الكتابة لم يحول دون أن تبقى الرسائل والجوابات التى سلمها لقراءة سخية بالمعنى، فضلاً عن مواقفه التى سجلها بشجاعة شاهدة على وجوده المؤثر ليس فقط على مستوى الكتابة بل على مستوى المعارك الثقافية التى خاضها ببسالة.
ومع ذكرى ميلاده التى لا تمر أبدا أن نتذكر الكيت كات وأهلها الفقراء الكادحين والتى لديهم مواهب طربية عديدة، حتى قرر المخرج المصرى داوود عبد السيد أن يحول الرواية إلى فيلم تحت عنوان الكيت كات وبالفعل وافق أصلان على إجراء بعض التعديلات الطفيفة على الرواية أثناء نقلها إلى وسيط آخر وهو السينما، وبالفعل عرض الفيلم وحقق نجاحا كبيرا لكل من شاركوا فيه وأصبح الفيلم من أبرز علامات السينما المصرية فى التسعينيات، كما لا يمكن أن تمر ذكرى إبراهيم أصلان دون تذكر معركة وليمة لأعشاب البحر الذى عمل رئيسا للسلسة التى أصدرتها وبقى يدافع عنها أصلان، بعدما تزعمت صحيفة الشعب والتي كانت تصدر عن حزب العمل من خلال مقالات للكاتب محمد عباس حملة على الرواية حيث أعتبرها الكاتب أنها تمثل تحديا سافرا للدين والأخلاق، بل وإن هذه الرواية تدعو إلي الكفر والإلحاد، وأثارت في هذة الفترة الجدل العارم وقامت المظاهرات بين طلاب الأزهر على خلفيه استفزازهم بالمقالات التي تتصدى للرواية وترفضها ظنا منهم أنها ضد الدين بالفعل، ولم تقعد الدنيا وتم التحقيق مع إبراهيم أصلان وتضامن معه الكثير من الكتاب والأدباء والمفكرين، ورفض أصلان اتهام الرواية بتشجيع الخروج على الدين ومنافاة الأخلاق والقيم المجتمعية حتى استقال من السلسلة نهائيا رافضا اعتبار مجمع البحوث الرواية تحث على المروق على الدين.
ولد إبراهيم أصلان بمحافظة الغربية فى 3 مارس 1935 ونشأ وتربى فى القاهرة وتحديدا فى حى إمبابة والكيت كات، وقد ظل لهذين المكانين الحضور الأكبر والطاغى فى كل أعمال الكاتب بداية من مجموعته القصصية الأولى "بحيرة المساء" مرورا بعمله وروايته الأشهر "مالك الحزين"، وحتى كتابه "حكايات فضل الله عثمان" وروايته "عصافير النيل" وكان يقطن فى الكيت كات حتى وقت قريب ثم انتقل للوراق أما الآن فهو يقيم فى المقطم.
لم يحقق أصلان تعليما منتظما منذ الصغر، فقد ألتحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى أستقر فى مدرسة لتعليم فنون السجاد لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية.
ألتحق إبراهيم أصلان فى بداية حياته بهيئة البريد وعمل لفترة كبوسطجى ثم فى إحدى المكاتب المخصصة للبريد وهى التجربه التى ألهمته مجموعته القصصية "وردية ليل"، ربطته علاقة جيدة بالأديب الراحل يحيى حقى ولازمه حتى فترات حياته الأخيرة ونشر الكثير من الأعمال فى مجله "المجلة" التى كان حقى رئيس تحريرها فى ذلك الوقت، كما حصل على منحة تفرغ نهاية الستينيات بترشيح من الكاتب نجيب محفوظ والناقدة لطيفة الزيات.
لاقت أعماله القصصية ترحيبا كبيرا عندما نشرت فى أواخر السيتينات وكان أولها مجموعة "بحيرة المساء" وتوالت الأعمال بعد ذلك إلا أنها كانت شديدة الندرة، حتى كانت روايته "مالك الحزين" وهى أولى رواياته التى أدرجت ضمن أفضل مائة رواية فى الأدب العربى وحققت له شهره أكبر بين الجمهور العادى وليس النخبة فقط.
انتدب للعمل نائب لرئيس تحرير سلسلة "مختارات فصول" من سبتمبر 1987 حتى نهاية 1995). عمل رئيسا لتحرير سلسلة "آفاق الكتابة" التى تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة من 1997 إلى 1999. وكان مسئولاً عن القسم الثقافى بجريدة الحياة اللندنية (مكتب القاهرة) منذ العام 1992 ، وتوفى فى السابع من يناير عام 2012 عن عمر يناهز 77 عاماً.
حصل أصلان على عدد من الجوائز منها" جائزة طه حسين من جامعة المنيا عن رواية مالك الحزين عام 1989، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2003-2004، وجائزة كفافيس الدولية عام 2005، جائزة ساويرس في الرواية عن حكايات من فضل الله عثمان عام 2006، ثم رشح في أواخر 2011 لنيل جائزة النيل وهي أرفع الجوائز المصرية من قبل أكاديمية الفنون، وفي 1 يوليو أعلن المجلس الأعلى للثقافة عن فوزه بالجائزة.