نواصل، مع المفكر العربى الكبير محمد عابد الجابرى، التعرف على مشروعه الفكرى، ونتوقف اليوم مع كتابه "الديمقراطية وحقوق الإنسان".
يتناول الدكتور محمد الجابرى فى هذا الكتاب مفهوم الديموقراطية وحقوق الإنسان فى الوطن العربى وذلك على ضوء التجارب والمحاولات التطبيقية على مستوى الدولة وعلى المستوى الشعبى، وقد تخلل ذلك عقد مقارنات معمّقة بين القضايا التى تهم المواطن العربى فى كل مكان، كالمقارنة بين الديموقراطية والشورى، والمقارنة بين عالمية حقوق الإنسان فى المرجعية الإسلامية، والمقارنة بين مفهوم الإنسان فى الفكر المعاصر ومفهوم الإنسان فى القرآن.
واحتلت هذه الدراسة أقسام الكتاب الأربعة، حيث تحدث الكاتب فى القسم الأول عن الديموقراطية فى الوطن العربى وكيفية فهمها، وتناول فى القسم الثانى عن الديموقراطية والواقع العربى الراهن، ثم خصص القسم الثالث لموضوع التأصيل الثقافى "حقوق الإنسان" فى الوعى العربى المعاصر، لينتقل فى القسم الرابع للحديث عن وسائل تنمية الوعى بحقوق الإنسان فى الإسلام.
يتطرق الكتاب، حسبما ذكر Abdullah Alansari على موقع goodreas لموضوعين كما هو واضح من العنوان، فقسم الكتاب إلى أربعة فصول جعل لكل موضوع فصلين من هذه الأربعة فصول.
القسم الأول: الديموقراطية
تناول الجابرى هذا الموضوع من منطلق الواقع الذى عاشه هو فى السابق، فكان طرحه له قديما نوعا ما لن يفيد بشكل كبير القارئ لحل قضايانا العصرية، فغالب القضايا التى تناولها الجابرى فى هذا القسم قد تم تجاوزها فى الغالب، لذلك وجدت الموضوع مكررا.
القسم الثاني: حقوق الإنسان
ولعله أجمل ما فى الكتاب، وبالأخص القسم الثالث من الكتاب عندما تناول الجابرى حقوق الإنسان من ناحية التأصيل الثقافى لها فى الوعى العربي، فأبدع أيما إبداع فى تحليل وتفسير هذا الموضوع كما عودنا الجابرى فى مؤلفاته، بل حتى أن الجابرى قام بتناول موضوع (الشورى) فى قسم الديمقراطية لكنه طرحه بشكل غريب وسطحى لمن رجع لتعليقى عليه كما ذكرته سابقا، لكنه عاد وبقوة ليطرح مثل هذه المرجعية الإسلامية بل وينتصر لها ويوضح أبعادها ويشرحها بشكل فنى غير مسبوق.. وهنا تجد روح الجابرى فعلا فى كتاباته.