واحد ممن اشتهروا بكتاباته فى المدرسة العبثية، ففى حين أنه غالباً ما يتم ربطه بالوجودية، إلا أنه رفض وصفه بالوجودى مبدياً دهشته من وضعه فى الفريق ذاته الذى يوجد فيه سارتر، إلا أنه فى جميع الأحوال تتواجد عناصر كلا العبثية والوجودية فى أكثر كتاباته انتشاراً، إنه الأديب الفرنسى المولود فى الجزائر ألبير كامو.
وتمر اليوم الذكرى 61 على رحيل الأديب الفرنسى ألبير كامو، إذ رحل فى 4 يناير عام 1960م، عن عمر يناهز 46 عاما، إذ ولد فى 7 نوفمبر عام 1913، ولد فى قرية الذرعان التى تعرف أيضاً ببلدة مندوفى بمقاطعة قسنطينة بالجزائر، فى بيئة شديدة الفقر من أب فرنسي، قُتل والده بعد مولده بعام واحد فى إحدى معارك الحرب العالمية الأولى، وهو من أم أسبانية مصابة بالصمم.
أثارت مواقف ألبير كامو من الثورة الجزائرية والاستقلال جدلاً كبيرًا بقى مستمرًا حتى بعد موته، فاعتبره كثيرون كاتبًا كولونياليًا أظهر النزعة الاستعمارية فى نصوصه، وهو الذى ولد على الأرض الجزائرية التى كانت تحت الاستعمار الفرنسى العنيف الذى استمر منذ العام 1839 إلى 1962، ولم تتحرر إلا بعد حرب طاحنة دامت أكثر من سبع سنوات.
أنياس سبيكل،أكاديمية فرنسية، من أهم دارسى أدب ألبير كامو، شاركت فى نشر مؤلفات كامو الكاملة فى سلسلة لابلياد الشهيرة وهى رئيسة مؤسسة الدراسات الكاموية وناشرة مراسلات كامو مع لويس غييو، صرحت فى حوار سابق لها أن من ينظر إلى "كامو" على أنه كاتب كاتب "كولونيالي" يتجاهل عمدًا مواقف الكاتب، كما يذكر بها هو نفسه فى ‘وقائع جزائرية’. لم يدافع كامو عن جزائر فرنسية، بل عن جزائر يمكن أن يعيش فيها الفرنسيون على قدم المساواة مع الأهالي.
وشددت على أنه كان يعتبر نفسه جزائريا، لأنه فى مرات عديدة، كان يقول: “نحن الكتاب الجزائريين..”.
فى كتابه "والفيلسوف إذا سُئل، لماذا اختار البير كامو أمه؟"، الصادر عن الدار الجزائرية للنشر والتوزيع، أعاد الكاتب والمفكر حميد زناز، طرح سؤال، أثار ولا يزال، جدلا واسعًا فى الساحة الأدبية الجزائرية بين مؤيّد ومعارض: هل يعتبر الفيلسوف ألبير كامو جزائريًّا أم لا؟ ولعله السؤال نفسه، الذى طُرح بصيغة أو بأخرى، منذ سنوات الستينيات والسبعينات، ولا يزال إلى الآن، حاضراً فى نقاشات الساحة الثقافية والأدبية فى الجزائر، وبأكثر حدة، فيما يبدو.
ثم انتقل إلى استعراض ظروف وملابسات إطلاق كامو لعبارته الشهيرة، التى فضّل فيها أمه، على حساب العدالة: "بين العدالة وأمي، أختار أمي"، تلك العبارة التى صرح بها أثناء احتفالات منحه جائزة نوبل سنة 1957، والتى نشرتها وفق المؤلف، جريدة "لوموند" الفرنسية مجتزأة من سياقها.
ثم تساءل المؤلف عن هؤلاء الذين شنّوا حربا على كامو، معتبرين أنه خان قضيتهم العادلة: "هل قرأوا فلسفة الرجل قراءة متأنية، أم كان عداؤهم مبنيا فقط على امتناعه مساندة ثورة التحرير، وجملة نسبت إليه"، لينتقل إلى التذكير بمواقف كامو، وكتاباته المساندة للجزائريين، والمنددة فى أغلبها بالممارسات الاستعمارية: "لم يشفع له تعاطفه مع الأهالى الفقراء، والدفاع عن المساواة بين كل السكان، ولا فضحه للظلم الاستعماري، الذى كان مسلطًا على الجزائريين، ولاتزال "الجملة اللعينة" تلاحقه إلى اليوم.