صدر حديثا أحدث مؤلفات الدكتور ياسر منجى تحت عنوان "هاملت الجرافيك المصرى.. نحميا سعد"، الصادر عن "مؤسسة الجزويت للنشر والإعلام" بالقاهرة.
ويعد الكتاب أول إصدار يشتمل على مجمل سيرة الفنان "نحميا سعد" (1912 – 1945)، أحد أهم الرواد الأوائل لفن الجرافيك المصرى، ويوثق للبقية الباقية من أعماله المعروفة، إضافة لكشفه عن أعمال مجهولة لم توثق من قبل فى مرجعيات تاريخ الفن المصرى الحديث.
كما يشتمل الكتاب على تحليلات نقدية وافية لبعض تلك الأعمال المجهولة، تضمنت رؤية لسمات أسلوبه الفنى ومعالم أدائه التقنى، كما يتضمن الكتاب كذلك بعض المواد الوثائقية ذات الصلة بفنه وسيرته.
يقول الكتاب:
حين رحل "نحميا سعد" فى رونق الشباب، عن ثلاثة وثلاثين عاما، كان قد أقام – فى سنوات معدودات فقط - دعائم اتجاه مصرى صميم فى مجال الطباعة الفنية، برغم ما لقيه من أرزاء الدنيا وقساوة البشر، وبرغم الفقر والجوع والمرض، الذين اتخذوا منه هدفا لتسديد ضرباتهم القاصمة، ليذوى سريعا فى غضارة العمر، فكانت حياته القصيرة الشقية نموذجا فريدا، يثبت أن الأستاذية فى الإبداع ليست مشروطة بالسن، ولا بالظروف، ولا بكم الإنتاج، بل مشروطة بأن يكون للفنان روح وشخصية يميزانه عن غيره، فيكون أو لا يكون.
وكأنما كان "نحميا" بذلك معادلا تاريخيا للفتى "هاملت" Hamlet، بطل المأساة الشكسبيرية الشهيرة؛ إذ ناله فى الواقع قسط وافر مما نال نظيره المسرحى من صدمات، وأزمات وجودية، وغدر طاله ممن كتبت عليه المقادير أن يعيش بينهم، فكان خليقا به أن يكون "هاملت" الجرافيك المصرى. ولئن كان "هاملت" أميرا بمقياس الثراء والنفوذ، فخليق بـ"نحميا" أن يتوج، بمقياس الإبداع والأصالة، بين أساطين الفن ونجومه.
وإذ يعيد الكتاب الاعتبار لسيرة هذا الفنان، فإنما لإعادة ربطها بذاكرة الفن المصرى الحديث والمعاصر، ولمحاولة إعادة شيءٍ من الاستواء إلى ميزان العدالة التاريخية، الذى ظل مختلا قرابة خمسة وسبعين عاماً مرت على رحيله، وظلت خلالها شذرات من سيرته، وصور قليلة من بقايا أعماله، مبعثرة فى مواضع مختصرة مشتتة ببعض الكتب، ويعاد تكرارها دونما تأصيل أو توثيق أو تحليل لسياقها وتفاصيلها الدقيقة.. فإلى روحِه الوديعة أهدى هذا الجهد القليل، عساه يكون استعادة لبعض حقه الذى تأخر الاعتراف به كثيرا، غير أنه لم يسقط بالتقادم.
ويعد هذا الكتاب حلقة من سلسلة من الإصدارات، المتصلة المنفصلة، تمثل مشروعا لإعادة الكشف عن مجاهيل من الفنانين المؤثرين فى حركة الفن المصرى الحديث، وآخرين ممن لم يحظوا بالقدر اللائق من البحث الاستقصائى المعمق، على المستويين النقدى والتأريخى، وقد بدأت هذا المشروع منذ عام 2010، وصدر فى سياقه كتاب "برنارد رايس: الأب المجهول للجرافيك المصرى"، عام 2012، وكتاب "النحات مصطفى نجيب: بصمات معلم على حوائط الغربة" عام 2014، فضلا عن العديد من الدراسات البحثية، والمقالات النقدية والتأريخية، التى نشرتها تباعا فى عدد كبير من المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية العربية، وكذلك ضمن كتالوجات ومطبوعات مصاحبة لبعض الفعاليات والعروض الفنية.
