تمر اليوم الذكرى الـ29 على رحيل "أسطى الصحافة المصرية" الكاتب الصحفى الكبير موسى صبرى، الذى رحل عن عالمنا فى 8 يناير عام 1992، عن عمر ناهز 67 عاما، بعد رحلة طويلة فى بلاط صاحبة الجلالة، اشتهر من خلالها بأنه من قام بكتابة خطاب الرئيس السادات فى القدس.
فى مذكراته "مذكرات موسى صبرى .. 50 عاما فى قطار الصحافة" الصادرة عام 1992، عن دار الشروق للنشر، يروى الكاتب الراحل، عددا من المواقف والأحداث التى حدثت معه بداية من دخوله المعتقل فى بداياته، وتأثره بزعماء الحركة الوطنية ورموز الفكر المصرى فى الثلاثينيات، نهاية بعمله بالصحافة وكيف كانت علاقته بالرؤساء، وصولاته وجولاته فى بلاط صاحبة الجلالة، ومعاركه مع أهل ألفن والأدب، ولعل من أبرزها معركته مع عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين.
كانت بداية علاقة موسى صبرى بطه حسين، عندما كان الأخير يعمل وزيرا للمعارف، للتقدم إليه بطلب لمساعدته فى العمل، كما كان عادة العميد فى تقديم يد العون للطلبة المتفوقين، وهناك فى مبنى الوزارة قابل سيد قطب القيادى الإخوانى الذى كان يعمل حينها مديرا لمكتب عميد الأدب العربى، الذى استمع إلى طلبه، بعدها أدخله مكتب طه حسين، الذى قابله بالترحاب والود وطلب منه أن يحدثه عن سبب تفوقه، قبل أن يخبره أنه تحدث إلى صديقه محمد صبرى أبو علم وزير العدل حينها، من أجل توظيفيه بالنيابة، لكن ربما قصة اعتقاله سالفة الذكر حالت دون تعيينه فى وظيفة وكيل النيابة.
لكن التقى صاحب "دموع صاحبة الجلالة" مرة أخرى مع صاحب سيرة "الأيام" بعد عمله فى الجمهورية، حيث تم تعيين عميد الأدب العربى، كرئيس للتحرير بشكل شرفى، بحسب تأكيد صلاح سالم لموسى صبرى، لكن العميد كان يطلب الاطلاع على المانشتات وذات يوم رفض العميد مانشيت يقول "ديجول فى أزمة" ورأى العميد أنه من الأفضل تغييره لـ"ديجول فى حرج" بسبب أن ما يواجه الرئيس ألفرنسى لا يعد بمثابة أزمة، وهنا أكد موسى صبرى أن كلمة حرج صعبة فى المانشات خاصة وأنها تكتب بدون تشكيل، لكن العميد أصر، وحين استشار كامل الشناوى طلب منه استمرار المانشت الأول، وأنه سوف يحدث العميد، إلا أن ذلك لم يحدث وحدث أزمة كبيرة بسبب ذلك هدد فيها طه حسين بالاستقالة.
الأزمة الأكبر الذى واجهت "صبرى" مع صاحب "دعاء الكروان"، كانت عندما قام الكاتب إبراهيم الوردانى بنشر مقال له بجريدة الجمهورية يرى فيها أن من يطالبون بدراسة الأدب اليونانى القديم، يطالبون بدراسة أدب العفاريت والأساطير والخرافات التى ليست لها قيمة، وهو المقال الذى وجه فيه العميد دعوة للتخلف، واحتج لأن المقال أيضا لم يعرض عليه.
وقرر العميد مواجهة ذلك التخريف من وجهة نظره، بنشر مقال للرد على ذلك، وأن ذلك قمة الجهل، مشيرا إلى أدباء الجيل الجديد لا يقرأون، وأثناء مراجعة "موسى" للمقال وجد أن طه حسين ظلمه بعدما هاجمه داخل المقال، وطلب من كامل الشناوى عدم نشر المقال وإلا استقال، إلا الأخير عرض عليه عرض المقال ومن ثم الرد عليه.
وبالفعل قام "موسى" بكتابة رد عنيف على طه حسين، حيث قال: اعترف بأننى اندفعت فى الرد بعاطفة طائشة، فقد كنت اتفانى فى عملى، وأساءنى أن أتهم بالجهل والإهمال، وتملكنى حماسة عنيفة" وبعدها شعر بأنه لابد من الاعتذار لعميد الأدب العربى، حيث اتصل به على الفور، واعتذر له، فما كان من الأخير إلا أن رد عليه بكل ترحاب، وأكد له أنه يتابع مقالاته وأن يعمل مدى علمه، وهنا أهدى له موسى صبرى نسخة من كتابه"ثورة كوبا".