تمر اليوم الذكرى الـ 1391 عام ميلادى على ذكرى فتح مكة المكرمة ميلاديا، والتى يحس المسلمون بشائره كلما قرأوا قول الله سبحانه وتعالى "إنا فتحنا لك فتحا مبينا".. فما الذى يقوله المفسرون فى هذه الآية:
يقول تفسير القرآن العظيم لابن كثير:
بسم الله الرحمن الرحيم (إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما (2) وينصرك الله نصرا عزيزا3) ) .
نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية فى ذى القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام ليقضى عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتى من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - كما سيأتى تفصيله فى موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله . فلما نحر هديه حيث أحصر، ورجع، أنزل الله عز وجل، هذه السورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصلح فتحا باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى عن ابن مسعود - رضى الله عنه - وغيره أنه قال : إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية .
وفى تفسير القرطبى
سورة الفتح، مدنية بإجماع، وهى تسع وعشرون آية، ونزلت ليلا بين مكة والمدينة فى شأن الحديبية.
روى محمد بن إسحاق عن الزهرى عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة فى شأن الحديبية من أولها إلى آخرها.
وفى الصحيحين عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير فى بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب : ثكلت أم عمر، نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لم يجبك، فقال عمر : فحركت بعيرى ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل فى قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بى، فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل فى قرآن، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، فقال : لقد أنزلت على الليلة سورة لهى أحب إلى مما طلعت عليه الشمس - ثم قرأ - إنا فتحنا لك فتحا مبينا لفظ البخارى.
واختلف فى هذا الفتح ما هو؟ ففى البخارى حدثنى محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال: الحديبية. وقال جابر: ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية. وقال الفراء : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا نعد مع النبى - صلى الله عليه وسلم - أربع عشرة مائة، والحديبية بئر . وقال الضحاك : إنا فتحنا لك فتحا مبينا بغير قتال . وكان الصلح من الفتح. وقال مجاهد: هو منحره بالحديبية وحلقه رأسه.