تعتبر جميلة الجميلات، الملكة، "نفرتيتي"، أكثر الملكات المصريات شهرة فى العالم كله، وهى الزوجة الكبرى للملك أخناتون، وهى سيدة عصر العمارنة بلا منافس، ورحبت نفرتيتى بالدعوة الدينية الجديدة وصارت من أقوى المناصرين لأخناتون ودعوته، ولعبت نفرتيتى دورًا مهمًا فى دعم زوجها.
وقال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية: احتلت العائلة الملكية مكانة متميزة فى دولة أخناتون ودعوته، وتظهر العائلة الملكية فى ذلك العصر فى مناظر جديدة لم تعرفها مصر الفرعونية، وانتقل أخناتون ونفرتيتى إلى مدينة "آخت آتون"، فى تل العمارنة فى المنيا، التى جاءت منها التسمية بـ "عصر العمارنة"، وأنتجت حفائر العمارنة عددًا من الروائع الفنية، لعل أشهرها تمثال نفرتيتي.
وتابع حسين عبد البصير: عندما تزور متحف برلين، فأنت فى حضرة نفرتيتى وتمثالها الأشهر، وتم تخصيص قاعة واحدة لعرضه، وهو مصنوع من الحجر الجيرى الملون بالحجم الطبيعي، وترتدى الملكة تاجها الأزرق المميز المقطوع من القمة الذى تعلوه حية الكوبرا، ووُجد فى أتيليه الفنان تحتمس فى العمارنة.
وأضاف مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية: اعتقد البعض أن نفرتيتى قد تكون شاركت أخناتون فى الحكم، وأنها اختفت فى حوالى العام 12 من حكمه، غير أن الاكتشافات الحديثة أكدت أنها ذكرت على بعض آثار زوجها بعد العام 12، وأن زوجها حكم منفردًا، وربما حكمت نفرتيتى، بعد وفاة أخناتون، قبل توت عنخ آمون، واعتقد بعض العلماء أن نفرتيتى كانت من أصل أجنبى، ابنة الملك ميتانى، غير أن معظم العلماء يؤكدون أنها مصرية.
ولفت الدكتور حسين عبد البصير إلى أن نفرتيتى قامت بتغيير اسمها عدة مرات، وكتبت اسمها مثل الملوك داخل خرطوشين موازيين بعضهما البعض، وكانت هناك رسالة بعثتها ملكة مصرية إلى ملك الحيثيين تطلب منه أن يرسل لها أحدًا من أبنائه كى تتزوجه، واعتقد بعض العلماء أن نفرتيتى قد تكون هى من أرسلت هذه الرسالة، ولكن البعض الآخر يعتقد أن من أرسلت هذه الرسالة هى عنخ إس إن آمون أرملة توت عنخ آمون، وتم الادعاء مؤخرًا بأن نفرتيتى دفنت فى مقبرة الفرعون الذهبى الملك الأشهر، توت عنخ آمون، مقبرة 62 فى وادى الملوك، غير أن هذا الادعاء ثبت عدم قبوله علميًا لأسباب عديدة.
وأشار حسين عبد البصير، إلى أنه ظهرت نظريتان حديثتان بخصوص مومياء نفرتيتى، النظرية الأولى هى العثور على مومياء الملكة فى المقبرة رقم 63 فى وادى الملوك، والثانية هى ما أعلنته الإنجليزية جوان فليتشر من أن مومياء السيدة الشابة فى المقبرة 35 فى وادى الملوك هى مومياء نفرتيتى، كما أعلن الأمريكى أوتو شادن وفريقه من جامعة ممفيس أنهم اكتشفوا مقبرة 63 فى وادى الملوك وعثروا فيها على سبعة توابيت، منها تابوت لطفل صغير، وآخر لطفل رضيع، واعتقد البعض أن هذه التوابيت لبنات نفرتيتى وأخناتون الست.
وأعطى المجلس الأعلى للآثار إذنًا لجامعة يورك للقيام بالأشعة السينية على مومياوات النساء فى الغرفة الجانبية بجوار غرفة دفن المومياء فى المقبرة رقم 35 فى وادى الملوك، وكانت مومياء السيدة الشابة فى حالة سيئة، وكانت ذراعها اليمنى ممزقة بالكامل، وتوفيت صاحبة هذه المومياء فى عمر ما بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين عامًا، وثبت أنه ليس هناك سبب مقنع بأن مومياء السيدة الشابة لنفرتيتى، ثم اتضح بعد ذلك كذب هذا الادعاء، وتم رفض النظرية الثانية وهى أن مومياء الشابة لنفرتيتي.
ويقول الدكتور حسين عبد البصير، أنه تم اكتشاف أم المومياء السيدة الشابة، وهى ابنة الملك أمنحتب الثالث والملكة تى، وفى هذه الحالة لا يمكن أن تكون هذه المومياء لنفرتيتى، لأن نفرتيتى ليست ابنة أمنحتب الثالث وتى، وقام الأمريكى دونالد ريان بتحليل المومياوين النسائيتين اللتين كانتا فى الغرفة الجانبية، وأثبت العلماء أيضًا أن مومياء نفرتيتى ليست ضمنهما، كما قام الفريق المصرى لدراسة المومياوات الملكية برئاسة الدكتور زاهى حواس بالبحث عن مومياء الملكة نفرتيتي، ودراسة المومياوين الموجودتين داخل المقبرة رقم 21 بوادى الملوك، وهى المومياوات التى قام بدراستها وترميمها دونالد راين، وهى مومياء بدون رأس وأخرى بالرأس؟ وقام فريق الدكتور حواس عن طريق دراسة الحامض النووى بعمل مقارنات مع الأجنة التى عثر عليها داخل مقبرة توت عنخ آمون، واتضح للفريق المصرى وجود صلة بينها مما يشير إلى أن المومياء بدون الرأس تخص الملكة عنخ إس إن آمون زوجة توت عنخ آمون.
ويعتقد الدكتور حواس أن المومياء الأخرى قد تخص الملكة نفرتيتي؛ نظرًا لأن الكهنة فى عصر الأسرتين الواحدة والعشرين والثانية والعشرين كانوا يضعون المومياوات العائلية بجوار بعضها البعض.