تمر، اليوم، ذكرى رحيل الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، الذى توفى يوم 12 يناير من عام 1990، والمعروف عن إحسان أن عددا كبيرا من رواياته وقصصه تحولت إلى أعمال فنية، ومن ذلك "النظارة السوداء" وقد ظهر الفيلم فى عام 1963 وكان من بطولة النجمة نادية لطفى، التى أشارت إليه فى مذكراتها.
تقول نادية لطفى فى مذكراتها التى حملت عنوان "اسمى بولا.. نادية لطفى تحكى" والتى كتبها أيمن الحكيم، وصدرت عن "نهضة مصر"، بدأت علاقتى بإحسان عبد القدوس قبل أن آراه، كنت معجبة بقصصه وأتابعها بانتظام، سحرنى ببساطته وجرأته ونماذج بطلاته".
وتقول نادية لطفى "وفى مشوارى السينمائى أعمال مميزة مأخوذة عن قصص إحسان، وكانت تجربتى الأولى معه فى بداياتى الباكرة فى فيلم "لا تطفئ الشمس".
وتتابع نادية لطفى النظارة السوداء كان العمل الأهم، كنت قد قرأت القصة عندما نشرها إحسان لأول مرة، ولما رشحنى حسام الدين مصطفى لبطولة القصة قرأتها مرتين إضافيتين، ولما عرف إحسان بموافقتى على أن ألعب دور مادى بطلة قصته بكل ما فيها من انفلات أخلاقى، فإنه شعر باستغراب ودهشة، فالدور يخيف أى ممثلة فى مجتمع شرقي، ومع جمهور قد يخلط بين تصرفات الشخصية وتصرفات الممثلة التى تجسدها.
لم تخفنى "مادي" لأننى تعاطفت معها منذ أن قرأت القصة، وأحسست أنها ضحية، تستحق الشفقة لا الرجم، وأنها بالتحليل النفسى المتعمق فتاة شريفة وليست منحلة كما يبدو فى سلوكها الظاهر، وكنت سعيدة حقا عندما تطابق فهمى وتحليلى للشخصية مع رؤية كاتبها وصانعها، وما زلت أحتفظ بما كتبه إحسان عن "مادى":
إن هذا الانحلال الظاهرى للفتاة يخفى وراءه نقاء نفسيا، تبلور فى النهاية ليكشف عن طهارة شبه صوفية، استطاعت بها الفتاة أن تقف فى وجه صديقها الفنان الذى حولته السياسة المنحرفة من إنسان مثالى إلى متاجر بأصوات الجماهير".