سمير الفيل، ابن دمياط، والذى عاش هناك بعيدا عن صخب العاصمة وضجيجها، واحد ممن عبروا عن الحياة ببساطتها وتعقدتها، فهو يكتب ما يعرفه وما يعيشه ويراه، ولكنه يبسط عليه خلطته الخاصة، ويصبغه بمكر قاص متميز بصبغته الدرامية الخاصة، سمير الفيل منشغل بالكتابة.
ومن بين مجموعات سمير الفيل القصصية التى تعبر ربما عن هذا، مجموعته "صندل أحمر" الذى قال عنها أنه كتبها أثناء عمله بمحل أحذية، مشيرا إلى أنه حين يجلس على المقهى يتأمل الناس ويتسرب إلى سمعه جملة فتكون المفتاح.
و"صندل أحمر" هى المجموعة السابعة له فى رحلته السردية إضافة إلى ثلاث روايات، وهى تحكى قصص حياتية من منظور طفل صغير يعمل فى محل لبيع الأحذية، وتضم المجموعة القصص التالية: ".السيم ـ طبق الفول ـ عم جمعة ـ ساق وحيدة ـ اللكلوك ـ صندل أحمر ـ خيط السراجة ـ مشابك الغسيل ـ عراوى ـ عتبات".
وقد صدَّر سمير الفيل مجموعته القصصية بإهداء طريف: "إلى الجزم والصنادل واللكلوك إلى النعال والشباشب والكعب كباية، إلى كل ما يوضع بالأقدام ويجاور التراب ويداس بقلب بارد ميت".
تدور المجموعة حول مكان واحد، تتعامل معه باعتباره العالم الكبير، والذى يرصد الكاتب من خلال العلاقات البسيطة التى تدور فيه العديد من الملامح النفسية لأبطاله البسطاء، كالولد فلفل فى قصة "السيم" وكذلك العم "مسعود قشطة" فى قصة "ساق وحيدة". ومن الشخصيات المميزة فى المجموعة، شخصية "عم جمعة" الإسكافى الذى لا يكتفى بكونه يصلح للناس أحذيتهم فقط، ولكنه منقذهم الأبدى من المذلة والمهانة.
وبحسب دراسة للدكتورة شهلا العجيلى، بعنوان "دراسة نقدية حول صندل أحمر لسمير الفيل" تمثل مجموعة (صندل أحمر)، لـ (سمير الفيل) نموذجاً آخر للوعى المدينى فى السرديّة العربيّة على مستوى القصّة، ويبدو هذا الوعي، فى الدرجة الأولى، من خلال تناول إحدى الثيمات الرئيسة للمدينة، وهى العلاقات التجاريّة الاستهلاكيّة، وما ينتج عنها من قيمة تسليعية، تطال الإنسان فى علاقته مع ذاته، ومع الآخر، ومع المكان.
ولعلّ اختيار الموضوع بالذات، موضوع الحذاء، وتعدّد أشكاله، وتحوّلاته من حاجة رئيسة إلى كماليّة، ثمّ إلى ترف، وارتباطاته الوثيقة بحيوات الناس المختلفة، يتسق مع الوعى المدينى بموضوعة الاستهلاك، وفقدان القيمة، والنظام الاقتصادى لمجتمع المدينة الذى يتمثّل بالرأسمالية.