فى مثل هذا اليوم 23 يناير 1517م، وقعت معركة الريدانية بين طومان باى والسلطان سليم الأول العثمانى، وكانت الخسائر فادحة من الطرفين، إلا أن الهزيمة كانت من نصيب طومان باى والمماليك، وترتب على ذلك دخول العثمانيون القاهرة، ولكن السؤال هنا: هل شن طومان باى معركة آخرى ضد سليم الأول أم كانت الريدانية آخر المعارك بينهما؟.
لم ينتظر طومان باى كثيرًا، فبعد أن استبيحت القاهرة ثلاثة أيام من سلب ونهب وهتك للأعراض ولاقى أهلها الأهوال من قبل العثمانيين، اجتمع طومان باى بنحو سبعة آلاف فارس، فى 28 يناير 1517 م، وصارت بينهم وبين العثمانيين معارك فى شوارع القاهرة، وهاجموا مخيمات العثمانيين بالريدانية، واستمر القتال من الفجر إلى بعد المغرب وصار المماليك الجراكسة يقطعون رأس من يظفرون به من العثمانيين ويحضرونها بين يدى طومان باي.
واشتد القتال يوم الخميس من بولاق إلى الناصرية، واستجمع العثمانيون قواهم وأجلوا قوات المقاومة فتحصن طومان باى بحى الصليبة، واتخذ من جامع شيخون مركزًا للمقاومة وحفر الخنادق، وأقام تحصينات فى المنطقة عند رأس الصليبة وقناطر السباع ورأس الرميلة وجامع ابن طولون.
وما أن استجمع العثمانيون قواهم حتى تسلل المماليك وقالوا: "من يقابل هذه النار المهلكة"، وبقى طومان باى والمخلصون له ثم اضطر إلى الانسحاب إلى بركة الحبش ثم عبر النيل إلى الضفة الغربية بالجيزة، وما أن أعاد العثمانيون سيطرتهم على القاهرة حتى استباحوها فكانت مجازر بشرية.
وصف ابن إياس المعركة التى أطلق عليها "الصلبية": بالمصيبة العظمى التى لم يسمع بمثلها فيما تقدم من الزمان، فقتلوا جماعة كثيرة من العوام وفيها صغار وشيوخ لا ذنب لهم، وحطوا غيظهم فى العبيد والغلمان والعوام، ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، فصارت جثثهم مرمية فى الطرقات، فكان مقدار من قتل فى هذه الواقعة فوق العشرة آلاف إنسان فى عدة هذه الأربعة أيام، ولولا لطف الله لفنى أهل مصر قاطبة بالسيف".
وهجم العثمانيون على زاوية الشيخ عماد الدين بالناصرية، ونهبوا ما فيها من قناديل وحصر، وأحرقوا البيوت من حولها، كما نهبوا محتويات مسجد السيدة نفيسة، أما جامع شيخون مركز المقاومة فقد أحرقه العثمانيون فاحترق سقف إيوانه الكبير، وقبضوا على نحو ثمانمائة من المماليك وضربوا أعناقهم.