التاريخ الإسلامي به الكثير من الحكايات، منها ما هو معروف مشهور ومنها ما لم يحظ بالشهرة، ومن ذلك مقتل خالد بن سفيان الهذلى، فما الذى يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "مقتل خالد بن سفيان الهذلى"
قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبى، عن ابن إسحاق، حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير، عن ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه قال: دعانى رسول الله ﷺ فقال: "إنه قد بلغنى أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلى يجمع لى الناس ليغزونى، وهو بعرنة فائته فاقتله".
قال: قلت: يا رسول الله انعته لى حتى أعرفه.
قال: "إذا رأيته وجدت له قشعريرة".
قال: فخرجت متوشحا سيفى حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا، وحين كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت ما وصف لى رسول الله ﷺ من القشعريرة، فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بينى وبينه مجاولة تشغلنى عن الصلاة، فصليت وأنا أمشى نحوه أومئ برأسى للركوع والسجود.
فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟
قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لذلك.
قال: أجل أنا فى ذلك.
قال: فمشيت معه شيئا، حتى إذا أمكننى حملت عليه السيف حتى قتلته، ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله ﷺ فرآنى قال: "أفلح الوجه"
قال: قلت: قتلته يا رسول الله.
قال: "صدقت".
قال: ثم قام معى رسول الله ﷺ فدخل فى بيته، فأعطانى عصا فقال: "أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس".
قال: فخرجت بها على الناس فقالوا: ما هذه العصا؟
قال: قلت أعطانيها رسول الله ﷺ وأمرنى أن أمسكها، قالوا: أولا ترجع إلى رسول الله ﷺ فتسأله عن ذلك.
قال: فرجعت إلى رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله لم أعطيتنى هذه العصا؟
قال: "آية بينى وبينك يوم القيامة إن أقل الناس المتخصرون يومئذ".
قال: فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه، حتى إذا مات أمر بها فضمت فى كفنه، ثم دفنا جميعا.
ثم رواه الإمام أحمد: عن يحيى بن آدم، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن بعض ولد عبد الله بن أنيس - أو قال عن عبد الله بن عبد الله بن أنيس - عن عبد الله بن أنيس فذكر نحوه.
وهكذا رواه أبو داود: عن أبى معمر، عن عبد الوارث، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عبد الله بن أنيس، عن أبيه، فذكر نحوه.
ورواه الحافظ البيهقي: من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد الله بن أنيس، عن أبيه فذكره.
وقد ذكر قصة عروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، فى (مغازيهما) مرسلة، فالله أعلم.
قال ابن هشام: وقال عبد الله بن أنيس فى قتله خالد بن سفيان:
تركت ابن ثور كالحوار وحوله * نوائح تفرى كل جيب معدد
تناولته والظعن خلفى وخلفه * بأبيض من ماء الحديد المهند
عجوم لهام الدارعين كأنه * شهاب غضى من ملهب متوقد
أقول له والسيف يعجم رأسه * أنا ابن أنيس فارس غير قعدد
أنا ابن الذى لم ينزل الدهر قدره * رحيب فناء الدار غير مزند
وقلت له: خذها بضربة ماجد * خفيف على دين النبى محمد
وكنت إذا هم النبى بكافر * سبقت إليه باللسان وباليد
قلت: عبد الله بن أنيس بن حرام: أبو يحيى الجهنى صحابى مشهور كبير القدر، كان فيمن شهد العقبة وشهد أحدا والخندق وما بعد ذلك، وتأخر موته بالشام إلى سنة ثمانين على المشهور، وقيل توفى سنة أربع وخمسين، والله أعلم.
وقد فرق على بن الزبير، وخليفة بن خياط بينه وبين عبد الله بن أنيس أبى عيسى الأنصاري، الذى روى عن النبى ﷺ أنه دعا يوم أحد بأداوة فيها ماء، فحل فمها وشرب منها.
كما رواه أبو داود، والترمذى من طريق عبد الله العمري، عن عيسى بن عبد الله بن أنيس، عن أبيه.
ثم قال الترمذي: وليس إسناده يصح، وعبد الله العمرى ضعيف من قبل حفظه.