"شر كلها.. وشر ما فيها أنه لا بد منها" هذه المقولة يراها الأديب الكبير الراحل عباس العقاد، فى كتابه الشهير "عبقرية الإمام على" أنها خلاصة رأى وفكر الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه فى المرأة، والجملة نسبت للإمام على فى كتابه نهج البلاغة، وتمر اليوم الذكرى 1360 على تعرض على بن أبى طالب رابع الخلفاء الراشدين، للطعن بسيف مسموم أثناء أدائه صلاة الفجر على يد عبد الرحمن بن ملجم، ووفاته بعدها بثلاثة أيام.
واشتهر على عند المسلمين بالفصاحة والحكمة، فينسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة، كما يُعدّ رمزاً للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد حسب الروايات الواردة فى كتب الحديث والتاريخ. كما يعتبر من أكبر علماء عصره علماً وفقهاً إنْ لم يكن أكبرهم على الإطلاق كما يعتقد الشيعة وبعض السنة، بما فيه عدد من الفرق الصوفية.
وبحسب كتاب "عبقرية الإمام" للعقاد، كان الإمام على يرى لها فضائل خاصة تليق بها غير الفضائل التى تليق بالرجال وتحمد منه "فخيار خصال النساء شرار خصال الرجال الزهو، والجبن، والبخل، فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرقت من كل شيء يعرض لها".
والإمام صائر إلى رأيه هذا فى المرأة من كلتا طريقيه، وهما طريق الحكيم الذى ينظر إليها على سنَّة الحكمة القديمة، وطريق العابد الذى ينظر إليها على سنَّة العبادة فى جميع العصور ولكنه لا رأى الحكيم، ولا حس العابد قد حجبه قط عن فطرته الغالبة عليه، وهى فطرة الفارس المطبوع على آداب الفروسية، ومنها التلطف بالمرأة والصفح عن عدوانها، فما انتقم قط من امرأة لأنها أساءت إليه، ولا غفل قط عن الوصية بها فى موطن يستدعى هذه الوصية، ومن أمثلة وصاياه فى هذا المعنى خطبته بين جنوده قبل لقاء العدو بصفين، حيث يقول:
"لا تهيجوا النساء بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم، فإنهن ضعيفات القوى والأنفس والعقول، إن كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فى الجاهلية بالفهر — أي: الحجر — أو الهراوة فيعير بها وعقبه من بعد".
كان يرى على ما يظهر أن امرأة تغنى عن سائر النساء، فلم يعرف له هوى لامرأة خاصة من نسائه غير الهوى الذى اختص به السيدة فاطمة — رضى الله عنها — كرامةً لمنزلتها عنده ومنزلتها عند أبيها، وهو غير الهوى الذى تبعثه المرأة بمغريات جنسها.
كان جالسًا فى أصحابه، فمرت بهم امرأة جميلة، فرماها القوم بأبصارهم، فقال — رضى الله عنه: "إن أبصار هذه الفحول طوامح، وإن ذلك سبب هياجها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه قليلًا مس أهله، فإنما هى امرأة كامرأة".
وعلى الجملة، يمكن أن يقال: إن آراء الإمام فى المرأة هى خلاصة الحكمة القديمة كلها فى شأن النساء، فهن شر لا بد منه باتفاق آراء الأقدمين، سواء منهم حكماء الهند واليونان أو الحكماء الذين نظروا إلى المرأة بعين الدين من أبناء بنى إسرائيل وآباء الكنيسة المسيحية وأئمة الإسلام.