فى عام 1991 صدر كتاب "كاتب السلطان: حرفة الفقهاء والمثقفين " لخالد زيادة، ولكن لا يزال يمثل قيمة ورغبة في قراءته، وقد صدرت عام 2020 طبعته الرابعة عن المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات.
وفى الكتاب يبحث خالد زيادة فى أصول المثقف فى الفضاء العربى، من خلال العودة إلى الحقبتين المملوكية ثم العثمانية، وخصوصًا فى مصر وبلاد الشام، لتعقّب أدوار رجال الدين وكتّاب الديوان، ومواقفهم من التحديث فى بداية القرن التاسع عشر، وأثر التحديث فى الحدّ من نفوذ المؤسسة الدينية - التى خسرت أجزاء من وظائفها القضائية والتعليمية بسبب إنشاء المحاكم المدنية والمعاهد التقنية - وفى انهيار جهاز كتّاب الديوان بعد أن أخذ الإداريون على عاتقهم تسيير شئون الدولة.
وتألف الكتاب من ستة فصول هي "اليسق العثمانى، حرفة الفقهاء، مجالس المشورة، كاتب السلطان، شريك الرأي، المثقف" وفيما يتعلق بـ"حرفة الفقهاء" يتناول زيادة تفصيلات حرفة الفقهاء، وكيفية طلب العلماء للعلم.
كما يتناول الجهاز الدينى فى مصر وبلاد الشام. وفى رأيه، يقوم الجهاز الدينى على شبكة موسّعة من الوظائف التى يتوزعها أفراده فى ما بينهم، "فثمة وظائف لا بدّ من القيام بأعبائها حتى تستقيم الحياة الدينية، مثل الأذان والإمامة والخطابة، إضافة إلى التدريس والوعظ. إن المفهوم المحدد للوظيفة، كما يرد فى مصنفات تراجم العلماء أو فى سجلات المحاكم الشرعية العائدة إلى العصر العثماني، يشير إلى المهمة المحددة التى يقوم بها العالِم أو رجل الدين، والتى تُمنح له إما من طريق الوراثة، من الأب إلى الابن، أو من طريق فرمان سلطانى أو براءة شريفة. والفرمان أو البراءة يتضمنان فى العادة الحق فى التوارث. كذلك، قد تُمنح الوظيفة من طريق الترشيح أو الأهلية أو من طريق التعيين من جانب القاضي". كما يتناول زيادة التصوف وطرقه، والاضطراب الذى شابه بسبب الدخول العثمانى.