تمر اليوم ذكرى ميلاد المخرج العالمى الكبير يوسف شاهين، الذى ولد فى 25 يناير من عام 1926، وسوف نلقى الضوء على جانب من شخصيته، من خلال مذكرات الفنانة الراحلة نادية لطفى التى وردت فى كتاب "اسمى بولا.. نادية لطفى تحكى" لـ أيمن الحكيم، والصادر عن حديثا عن نهضة مصر.
يقول الكتاب تحت عنوان "يوسف شاهين.. المجنون الذى علمنى أول درس فى السينما":
للأمانة كان يوسف شاهين – المخرج الشاب وقتها – أول من تنبه إلى أننى يمكن أن أكون نجمة السينما القادمة، وبحكم صلته بالشركة المنتجة لفيلم "سلطان" فهو شقيق زوجة "جان خورى" شريك رمسيس نجيب وصديقه الصدوق، فقد كان مسموحا له بالحضور فى استوديهات التصوير، وراح يراقبنى من الكواليس، ولم ينتظر حتى أنتهى من فيلمى الأول، فقد فوجئت به يرشحنى لبطولة فيلمه الجديد.
وبعد أن انتهيت من التصوير ذات يوم عرض على أن يوصلنى بسيارته فوافقت بلا تردد لأننى كنت أعرفه معرفة عائلية وشقيقته صديقتى، وفى سيارة يوسف شاهين تلقيت أول دروسى العملية كممثلة محترفة.
حين وقع معى رمسيس نجيب عقد "سلطان" فإنه همس لى بنصيحة: إنتى ح تبقى نجمة بعد الفيلم ده.. ولما توقعى عقد جديد إوعى تقبلى أجرا أقل من 5 آلاف جنيه" وكان يتكلم جادا فصدقته دون تفكير وأخذت نصيحته بكل اهتمام، ولما فاتحنى يوسف شاهين فى فيلمه الجديدة وعرض على بطولته، قلت له بثقة: حاخد 5 آلاف جنيه، فأوقف سيارته فجأة ونظر لى نظرة هى خليط من الغضب والغيظ والدهشة، وقال بحدة: ليه تكونيش يبتر بترول.. أو فاكرة نفسك فاتن حمامة.. ده حتى فاتن بتاخد 3 بس؟ ويبدو أنه أحس بسذاجتى وأن هناك من ورطنى، فراح يشرح لى أننى كوجه جديد أحتاج فى البداية إلى أفلام متعددة وأدوار جيدة لأثبت نفسى أولا وعلى ألا أفكر فى أجر الآن فالفلوس قريبا ستأتى.. بل ستطاردنى.
ولما بدأت أقتنع عاد يلف بنا فى الشوارع، وقلت له طيب إذا عدينا موضوع الأجر، فهناك شرط آخر يمكننى التنازل عنه، سألنى بفضول عن شرطى الحاسم، فقلت بثقة: زى ما عملت مع الأستاذ رمسيس .. لا يكون فى فيلمك قبلات ولا مايوهات، فاستفزه كلامى حتى إنه كاد يصدم السيارة أو يصعد بالسيارة على الرصيف، وبعد فاصل من شتائمه المحببة، شرح لى أن ما أقوله يدل على أننى "حمارة" ولا أفهم شيئا فى فن التمثيل، وأننى إما أن أقبل بشروط المهنة أو أعود إلى بيتى أو أبحث عن مهنة أخرى، فالقبلة مثل الصفعة لو كانت ضرورية ودرامية فليس من حق البطلة أن ترفضها أو تعترض عليها، وقال: بالنسبة لموضوع المايوهات فمن العيب على امرأة مثلك عاشت فى الإسكندرية وترتدى المايوه على البلاج أمام الناس أن تكون عقليتها بهذا التخلف.
ولا أنسى جملته التى قالها فى ذلك اليوم: بصى يا نادية، التمثيل ده مهنة لا تقبل أنصاف الحلول .. يا تقبليها كلها .. يا ترفضيها كلها.