يبدو أن الأوضاع على الحدود السودانية الإثيوبية تسير إلى حرب محتملة بين الدولتين الأفريقيتين، وذلك لتصاعد الأحداث خلال الماضية، بعدما تعرضت دورية سودانية لعمليات قصف على الشريط الحدودى، من قوات الجيش الإثيوبى بقذائف الهاون دون أن توقع خسائر فى صفوفها.
وقصفت القوات الإثيوبية، قوة استطلاع سودانية قادمة من جبال أبو طيور، بقذائف الهاون من قبل قوات متمركزة فى منطقة عبد الرافع على الجانب الآخر من الحدود بين البلدين.
وفى الواقع يعود تاريخ الأزمات فى حدود البلدين، التى تمتد لأكثر من 725 كيلومترا، إلى نحو 130 عامًا، ففى العام 1891 أعلن الإمبراطور الإثيوبى منيليك الثانى أن حدود بلاده تمتد إلى الخرطوم عاصمة السودان الحالية وحتى القضارف فى شرق السودان، لكن محاولته تلك انتهت بالاكتفاء بمنطقة بنى شنقول الغنية بالمعادن والذهب.
وبالنسبة للحدود السودانية الإثيوبية، حدث هذا فى العام 1901 حيث كُلف ميجور قوين بالقيام بهذا الاستقصاء، بمرافقة لجنة سودانية إثيوبية، وحددت الحدود ورقياً وبالوصف العام، فى المادة الأولى من إتفاقية 15 مايو 1902 بين الحكومة البريطانية والإمبراطور الإثيوبى منليك.
وحسبما ذكرت شبكة "سكاى نيوز" وبموجب الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من النص الإنجليزي، تصبح الاتفاقية نافذة عندما يُخطر الإمبراطور منليك بتصديق ملك بريطانيا. وقد سلم ممثل بريطانيا فى أديس أبابا، هارنغتون، بنفسه تصديق الملك إدوارد إلى منليك فى 28 أكتوبر 1902.
ومنذ ذلك التاريخ البعيد وإلى يومنا هذا، لا تزال اتفاقية عام 1902 لتحديد الحدود بين البلدين، صحيحة ونافذة، ولم يحدث فى التاريخ البعيد أو القريب أن طعنت إثيوبيا فى صحة أو نفاذ هذه الاتفاقية، بل ظلت تؤكد التزامها بها فى يوليو وأغسطس 1955، وفى يونيو1957، وفى يوليو 1972.
وفى خلال إجراءات لجنة تحديد الحدود بين إثيوبيا وإريتريا المكونة من خمسة من كبار المتخصصين فى القانون الدولى ومن فطاحل فقه الحدود، قبلت إثيوبيا فى العام 2002، نقطة تلاقى خور الرويان مع نهر ستيت كنقطة نهاية لحدودها فى الغرب مع إريتريا.
وهى ذات النقطة التى تلتقى عندها حدود الدول الثلاث: السودان وإثيوبيا وإريتريا، وكان قد حددها فى الأصل ميجر قوين فى العام 1903، عندما بدأ تخطيط الحدود بين السودان وإثيوبيا بموجب اتفاقية 1902.
وحدث اختراق كبير فى العام 1902، عندما تم تخطيط الحدود بين البلدين لكن على أساس النفوذ الاستعمارى فى السودان آنذاك.
وخلال الحقب التى أعقبت فترة حكم منيليك حدثت العديد من المتغيرات الجيوسياسية فى المنطقة والتى تخللتها نزاعات باردة كانت تجرى بين القبائل على جانبى الحدود دون أى تدخل من الحكومات المركزية، وذلك بسبب التداخلات السكانية والجغرافية.
واستمر الحال على هذا المنوال حتى العام 2002 عندما عقدت لجنة مشتركة لترسيم الحدود اجتماعات متتالية توصلت إلى إطار نظرى بالاعتماد على خرائط للحدود المُتعارف عليها، لكن عمل اللجنة لم يكتمل من حيث الترسيم الفعلى على الأرض.
وتقول الحكومة السودانية إن مناطق حدودية واسعة ظلت محتلة من قبل جماعات مسلحة إثيوبية لأكثر من 25 عاما، وتتهم الجيش الإثيوبى بدعم هذه الجماعات، فيما تنفى أديس آبابا ذلك.
وفى مارس الماضى أعاد الجيش السودانى انتشاره فى تلك المناطق بعد غياب دام 25 عاما.
وتصاعد التوتر فى المنطقة الحدودية منذ اندلاع الصراع فى إقليم تيغراى شمالى إثيوبيا فى أوائل نوفمبر، ووصول ما يزيد عن خمسين ألف لاجئ إلى شرق السودان.