تمر اليوم الذكرى الـ1360 على مقتل الإمام على بن أبى طالب رابع الخلفاء الراشدين وذلك بعد أيام من الطعنة التى تلقاها من الخارجى عبد الرحمن بن ملجم، وتقول بعض الروايات إن على بن أبى طالب كان فى الطريق إلى المسجد حين ضربه ابن ملجم، وذكر ابن جرير، وغير واحد من علماء التاريخ والسير وأيام الناس: أن ثلاثة من الخوارج وهم: عبد الرحمن بن عمرو "المعروف بابن ملجم الحميرى" ثم الكندى، حليف بنى حنيفة من كندة المصرى، وكان أسمر حسن الوجه، أبلح شعره مع شحمة أذنيه، وفى وجهه أثر السجود، اجتمعو فقال ابن ملجم: أما أنا فأكفيكم على بن أبى طالب، وقال البرك: وأنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر: وأنا أكفيكم عمرو بن العاص.
ولم يكن أجل أحد منهم قد حان إلا أجل على بن أبى طالب، فقتله عبد الرحمن بن ملجم، وفشل الآخران فى قتل معاوية وعمرو، وذلك سنة 40 هـ، وقد بلغ ثمانى وخمسين سنة، وفى رواية ثلاث وستين سنة، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر، وذلك من عام 35ـــــ 40هـ / 655 ـــــ 660م.. فماذا حدث فى محاولة قتل معاوية وعمرو؟
بحسب كتاب "البداية والنهاية (الجزء السابع)" لابن كثير، فأما صاحب معاوية - وهو البرك - فإنه حمل عليه وهو خارج إلى صلاة الفجر فى هذا اليوم فضربه بالسيف، وقيل: بخنجر مسموم، فجاءت الضربة فى وركه فجرحت إليته ومسك الخارجى فقتل.
وقد قال لمعاوية: اتركنى فإنى أبشرك ببشارة.
فقال: وما هى؟
فقال: إن أخى قد قتل فى هذا اليوم على بن أبى طالب.
قال: فلعله لم يقدر عليه
قال: بلى إنه لا حرس معه، فأمر به فقتل، وجاء الطبيب فقال لمعاوية: إن جرحك مسموم، فإما أن أكويك، وأما أن أسقيك شربة فيذهب السم لكن ينقطع نسلك.
فقال معاوية: أما النار فلا طاقة لى بها، وأما النسل ففى يزيد وعبد الله ما تقر به عينى.
فسقاه شربة فبرأ من ألمه وجراحه.
ومن حينئذ عملت المقصورة فى المسجد الجامع وجعل الحرس حولها حال السجود، فكان أول من اتخذها معاوية لهذه الحادثة.
وأما صاحب عمرو بن العاص - وهو عمرو بن بكر - فإنه كمن له ليخرج إلى الصلاة، فاتفق أن عرض لعمرو بن العاص مغص شديد فى ذلك اليوم فلم يخرج إلا نائبه إلى الصلاة، وهو خارجة بن أبى حبيبة من بنى عامر بن لؤي، وكان على شرطة عمرو بن العاص فحمل عليه الخارجى فقتله وهو يعتقده عمرو بن العاص.
فلما أخذ الخارجى قال: أردت عمرا وأراد الله خارجة، فأرسلها مثلا، وقتل قبحه الله.
وقد قيل: إن الذى قالها عمرو بن العاص، وذلك حين جيء بالخارجى فقال: ما هذا؟
قالوا: قتل نائبك خارجة، ثم أمر به فضربت عنقه.
والمقصود: أن عليا رضى الله عنه لما مات صلى عليه ابنه الحسن فكبر عليه تسع تكبيرات، ودفن بدار الإمارة بالكوفة خوفا عليه من الخوارج أن ينبشوا عن جثته، هذا هو المشهور.
ومن قال: إنه حمل على راحلته فذهبت به فلا يدرى أين ذهب فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به ولا يسيغه عقل ولا شرع.