10 سنوات كاملة مرت على اندلاع ثورة 25 يناير المجيدة، تلك الثورة التى أسقطت نظاما دام حكمه 30 عاما، وكشفت أحداثها اللاحقة عن الكثير من الأقنعة الزائفة التى حاولت ركوب موجة الثورة، فكانت سببا فى ظهور الوجه الخبيث لجماعة الإخوان الإرهابية، والتى استطاعت الوصول للحكم لكن سرعان ما سقطت بفضل ثورة 30 يونيو، ومساندة الجيش المصرى لمطالب الشعب الذى خرج بجميع طوائفه من أجل إسقاط نظام الجماعة الإرهابية.
10 سنوات ولا يزال البعض يتصور وكأنه يحلم بما حدث في 25 يناير، وما تبعه في أحداث جمعة الغضب، والتي حدثت في مثل هذا اليوم في 28 يناير 2011، وكانت أول شرارة فى إسقاط حكم الرئيس الأسبق مبارك، وزوال حكم دام نحو 30 عاما.
ما جرى في هذا اليوم المشهود فاق كل خيالات المبدعين وتخطى كل أحلام الحالمين بثورة، إذ فوجئ المصريون أنفسهم بأنهم قادرون على هزيمة نظام تنبأت له تحليلات أجهزة الأمن العالمية بالصمود والاستمرار، لكنه انهار فى غضون ساعات في ذلك اليوم، وبقيت فقط مراسم دفنه بإعلان الرئيس الأسبق مبارك تنحيه عن سلطاته للمجلس العسكرى.
لكن الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ، العربى الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، دائما ما كانت له نظرته الخاصة، ولأن أدبه عائش بيننا وعوالمه مستمرة معنا، فيبدو أن صاحب "الثلاثية" تنبأ بيوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 فى روايته "ليالى ألف ليلة"، فى نبوءة بمشاهد تحققت، حيث يقول "محفوظ" فى روايته:
"خرج الفقراء والمساكين من أكواخهم إلى الميادين بلا تدبير، اندفعوا وراء مشاعرهم القلقة الدفينة، وفى تجمعٍ لا مثيل له وجدوا أنفسهم عملاقا لا حدود له يجأر بالاحتجاج والخوف من المستقبل. تُبودلت أنات الشكوى فى هيئة همسات مبحوحة، ثم غلظت واحتدمت بالمرارة، ثم تلاطمت كالصخور، وبسبب من القوة المتجسدة المخلوقة من (عدم) تأجج الغضب، شعروا بأنهم سدّ منيع بتكتلهم وأنهم طوفان إذا اندفع، واندفعت الجموع كأنها سيل ينصب من فوق قمة جبل تبعث فى الجو هديرا".