طرأ العديد من التغيرات على لغتنا العربية وقواعدها، واختفت بعض الكلمات نظرا لقلة استخدامها أو استبدال كلمات جديدة محدثة بها، متأثرة بالاختلاط الأعجمى، وقد تجلى أثر هذه التغيرات اللغوية فى كتابة الجرائد والصحف والمجلات، ومن الكتب التى تبرز هذه التغيرات وأبرز الأخطاء اللغوية المستخدمة فى لغة الصحافة كتاب "لغة الجرائد" للمؤلف إبراهيم اليازجى.
ولما كانت الجرائد اليومية من أهم الوسائل التى تؤثر بصورة مباشرة فى ثقافة العامة، فإن الاهتمام بسلامة اللغة التى تكتب بها أمر ضرورى؛ فأثر تلك اللغة لا يقف عند حد قراءتها، بل تصاحب الناس فى أحاديثهم ونقاشاتهم اليومية، ويأتى "إبراهيم اليازجى" ليلفت الأنظار إلى زمرة من الأخطاء الشائعة فى "لغة الجرائد"؛ سعيًا للإسهام فى تنقيتها وتقويمها.
والكتاب يصحح الأخطاء الشائعة التى يقع فيها الكتّاب، كذلك يسرد عددا من المصطلحات اللغوية، وأصلها ومعانيها اللغوية.
ويقدم الكتاب بيانا ببعض الأخطاء فى لغة الصحافة، وما لها من التأثير فى مداركها وأذواقها وآدابها ولغتها وسائر ملكاتها، لاسيما مع كثرتها وانتشارها فى عهدنا الحالى حتى أصبحت تصدر الألوف منها كل يومٍ وتوزع بين أيدى القراء، فيتناول كل قارئ منها على حسب وسعه واستعداده، وليس من ينكر أن ذلك كان سببًا فى انتشار صناعة القلم عندنا، وتدريب الكتَّاب على أساليب الإنشاء، واقتباسهم صور التراكيب المختلفة، وإحياء كثير من اللهجة الفصحى حتى بين عامة الكتَّاب.
ومن أبرز الأخطاء التى تناولها الكتاب، من ذلك قولهم: تقدم إليه بكذا، يعنون رغب إليه فيه وسأله قضاءه، وإنما يقال: تقدم إليه بمعنى أوعز إليه وأمره، تقول: تقدم الأمير إلى عامله أن يفعل كذا وكذا، فهو على عكس المعنى الذى يريدونه كما ترى.
ومن ذلك قول بعضهم: مزق الكتاب إربًا إربًا، وقطع الحبل إربًا إربًا؛ أى: قطعة قطعة. وأكثرهم يقرؤها: أرَبًا أرَبًا، بفتحتين، وليس شيء من ذلك بصواب، إنما يقال: قطعت الذبيحة إرْبًا إرْبًا، بكسر الهمزة وسكون الراء، أي: إربًا فإربًا. ومعنى الإرب العضو؛ فهو خاص بما له أعضاء، ولا يجوز استعماله للكتاب والحبل وأمثالهما. وأما الأَرَب — بفتحتين — فمعناه الحاجة.
ومن ذلك قولهم: أوجبنى إلى كذا؛ أي: ألجأنى إليه واضطرني. وإنما يقال: أوجبت الأمر، ولا يقال: أوجبت الرجل؛ فالصواب: أوجب على كذا.