تشهد سماء مكة المكرمة، ظاهرة فلكية نادرة، وهى تعامد القمر على الكعبة المشرفة، وذلك بالتزامن مع وقوعه فى طور البدر، وذلك التعامد الأول فى عام 2021م، ومن المقرر أن القمر يصل لحظة البدر المكتمل بزاوية 180 درجة من الشمس عند الساعة (السابعة و16 دقيقة مساء بتوقيت جرينتش)، ويكون بذلك أكمل نصف مداره حول الأرض خلال هذا الشهر، وسيظل تعامد القمر مشاهداً فى السماء لبقية الليل إلى أن يغرب مع شروق شمس الجمعة.
وظهور القمر كان دائما رمزا للسكينة والحب، ورمزًا لدلال الحسنوات والجميلات، ما جعل الأقدمون يقدسونه ويعبدونه ويفتتنون بوجوده الساهر، وكان للقمر خاصة فى صورة "البدر" تقديس كبير لدى العرب قبل الإسلام، وكشفت نصوص المسند عن أن القبائل العربية، عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم والعماليق والصفوة، كانت تتبع الإلهة القمرية والانتساب الأموي، ويرى البعض أن لفظة "قمر" كانت الاسم المتأخر الذى أخفى به الساميون اسم "رب الأرباب".
وتعتبر ظاهرة التعامد من الظواهر التى تؤكد دقة الحسابات الفلكية لحركة الأجرام السماوية ومنها القمر التى تجعل تحديد موقعة فى غاية الدقة، ويمكن الاستعانة بهذه الظاهرة فى معرفة اتجاه القبلة بطريقة بسيطة حيث يشير اتجاه القمر بالنسبة إلى القاطنين فى الأماكن البعيدة عن المسجد الحرام وقت التعامد إلى اتجاه مكة المكرمة كما فعل القدماء بشكل يضاهى دقة تطبيقات الهواتف الذكية.
يمكن الاستعانة بهذه الظاهرة الفلكية فى معرفة اتجاه القبلة بطريقة بسيطة فى عدة مناطق حول العالم كما فعل القدماء، حيث يمكن للقاطنين فى المواقع البعيدة عن المسجد الحرام، مشاهدة القمر فوق الأفق لديهم فى ذلك التوقيت، حيث إن موقع القمر يشير إلى اتجاه مكة.
وعن تعامد القمر على الكعبة، قال الدكتور ياسر عبد الهادي، أستاذ مساعد فى معمل أبحاث الشمس، ومعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فى تصريحات صحفية سابقة، إن الظاهرة تحدث نتيجة وقوع الكعبة فى خط 21 من النقاط، التى يمر بها القمر، وهو ما يسمى "حزام القمر"، لذلك يحدث التعامد.
وأضاف"عبد الهادى" أن تعامد القمر على الكعبة ظاهرة فلكية طبيعية، وليس لها أى تأثير على المواطنين ولن تتسبب فى حدوث أى تغيرات، وأشار إلى أن هذه الظاهرة حدثت من قبل منذ 5 سنوات، وحينها كانت دورة القمر متعامدة على الكعبة، بالتزامن مع تعامد الشمس عليها، فهى تحدث مرتين فى العام الواحد، 27 مايو، و15 يوليو.