لقب بشمس الأئمة أبو الأشبال، هو إمام من أئمة الحديث فى العصر الحديث، إنه الشيخ أحمد محمد شاكر، الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد فى مثل هذا اليوم 29 يناير من عام 1860م، ودرس العلوم الإسلامية وبرع فى كثير منها، فهو فقيه ومحقق وأديب وناقد، لكنه برز فى علم الحديث حتى انتهت إليه رئاسة أهل الحديث فى عصره، كما اشتغل بالقضاء الشرعى حتى نال عضوية محكمته العليا.
وكان للشيخ الجليل درس بالأزهر على المذهب الحنفي، وبه كان يقضى فى القضاء الشرعى، لكنه كان بعيدا عن التعصب لمذهب معين مؤثرا الرجوع إلى أقوال السلف وأدلتهم، وفى هذا يقول أحمد شاكر بما يوضح مذهبه العلمى، فى معرض تحقيقه لكتاب الرسالة للشافعى بعد أن أكثر من الثناء عليه وبيان منزلته: "وقد يفهم بعض الناس من كلامى عن الشافعى أنى أقول ما أقول عن تقليد وعصبية، لما نشأ عليه أكثر أهل العلم من قرون كثيرة، من تفرقهم أحزابا وشيعا علمية، مبنية على العصبية المذهبية، مما أضر بالمسلمين وأخرهم عن سائر الأمم، وكان السبب فى زوال حكم الإسلام عن بلاد المسلمين، حتى صاروا يحكمون بقوانين تخالف دين الإسلام، خنعوا لها واستكانوا، فى حين كان كثير من علمائهم يأبون الحكم بغير المذهب الذى يتعصبون له ويتعصب له الحكام فى البلاد. ومعاذ الله أن أرضى لنفسى خلة أنكرها على الناس، بل أبحث وأجد، وأتبع الدليل حيثما وجد. وقد نشأت فى طلب العلم وتفقهت على مذهب أبى حنيفة، ونلت شهادة العالمية من الأزهر الشريف حنفيا، ووليت القضاء منذ عشرين سنة أحكم كما يحكم إخوانى بما أذن لنا بالحكم به من مذهب الحنفية. ولكنى بجوار هذا بدأت دراسة السنة النبوية أثناء طلب العلم، من نحو ثلاثين سنة، فسمعت كثيرا وقرأت كثيرا، ودرست أخبار العلماء والأئمة، ونظرت فى أقوالهم وأدلتهم، لم أتعصب لواحد منهم، ولم أحد عن سنن الحق فيما بدا لى، فإن أخطأت فكما يخطئ الرجل، وإن أصبت فكما يصيب الرجل. أحترم رأيى ورأى غيري، وأحترم ما أعتقده حقا قبل كل شيء وفوق كل شيء. فمن هذا قلت ما قلت واعتقدت ما اعتقدت فى الشافعي، ورضى عنه".
ترك الشيخ الذى رحل عن عالمنا فى 14 يونيو 1958م، عدة مؤلفات فى علم الحديث منها "شرحه كتاب " ألفية السيوطى فى علم الحديث "، لمؤلفه : جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، شرحه كتاب " ألفية العراقى فى مصطلح الحديث "، لمؤلفه : زين الدين العراقي، تصحيحه وتعليقه على كتاب " الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث "، لمؤلفه : الحافظ ابن كثير، شرحه وتخريجه أحاديث " سنن الترمذى "، لمؤلفه : أبو عيسى محمد الترمذى، شرحه " نخبة الفكر فى مصطلح أهل الأثر "، لمؤلفه : ابن حجر العسقلانى، دراسته وشرحه وتصحيحه كتاب " المسند "، لمؤلفه : الإمام أحمد بن حنبل، وغيرها الكثير.
كما كان له عدة مؤلفات فى الفقه وأصوله منها : "تحقيق كتاب الرسالة للإمام الشافعى وهو أول كتاب عرف به الشيخ، تعليقه على كتاب " الإحكام فى أصول الأحكام "، لمؤلفه : ابن حزم الظاهرى، " قواعد الأصول ومعاقد الفصول "، " عمدة الأحكام "، لمؤلفه : محمد عبد الغنى المقدسى الحماعيلى، " الروض المربع بشرح زاد المستقنع "، لمؤلفه : منصور بن يونس بن صلاح الدين، " الروضة الندية شرح الدرر البهية "، لمؤلفه : صديق حسن خانن وشرح كتاب " الخراج "، لمؤلفه : يحيى بن آدم الأموى القرشي"