تهتم المجلات الثقافية والفنية عبر تاريخها الطويل، برصد الظواهر الاجتماعية التى تطرأ على المجتمع، ومن ذلك، ما فعلته مجلة روز اليوسف فى عددها الصادر بتاريخ 22 ديسمبر 1926، أى منذ نحو 95 عاما، عندما كتبت عن انتشار التدخين بين النساء بصورة علنية، وقد نشرت صورة الموضوع صفحة "Raph Cormack" على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر".
تقول المجلة تحت عنوان "السيجارة .. دلع وكيف وتقليد" أما أن يدخن الرجال فلا عتاب ولا ملامة، وليس لنا ما نقوله على صورتى محمد أفندى كريم وحسن أفندى البارودى المنشورتين على الصفحة المواجهة، إلا أن الأولى تمثل التفكير الذى يستعين فيه صاحبه بالسيجارة وحلقات دخانها المتصاعد أبدع تمثيل، وإلا أن الثانية صورة طبيعية جدا وطبق الأصل للمدخن وهو يشعل سيجارته.
والصورتان بديعتان ونحن نرى فيهما دليلا على اتجاه ممثلينا المصريين فى صورهم نحو الأوضاع الفنية تاركين وراء ظهورهم تلك الأوضاع العتيقة التى احتضنوها حتى اليوم، كأن يتصور الواحد منهم وهو "مجعوص" فى كرسى ممسكا بيده كتابا مكتوبا عليه اسمه بخط واضح، أو "ناظرا" إلى سماء الفن يترقب هبوط الوحى العاصى، وما أشبه.
وأما أن يدخن النساء فهذه بدعة قديمة وحديثة، بدعة قديمة لأن النساء والآنسات يدخن منذ زمن طويل لا اليوم فقط ولا منذ العام الماضى ولا الذى قبله، وحديثة من حيث العلانية، كانت سيداتنا يدخن ولكن سرا فى حياء وفى نفور من أعين الغرباء.
ولكن اليوم، سيداتنا، يدخن جهرًا، وعلى مرأى من المارة أو الأغراب، وجولة واحدة فى المجلات التجارية الكبرى تريك بنات الطبقة العالية يخرجن من "شنطة" اليد الصغيرة علبة السجائر الرفيعة المذهبة الأطراف ليتناولن منها سيجارة يشعلنها ويستعن بدخانها على "هموم" المناقشة والأخذ والرد فى أثمان البضائع التى يردن شراءها.
وممثلاتنا السابقات إلى الأخذ بكل موضة جديدة لسن فى حاجة إلى من يستحث همهن جريا وراء السبق فى هذا المضمار، وها هن لا يدخن فقط علنية بل ويتباهين بكيف الدخان، ويقفن أمام المصور وفى يد كل منهن سيجارة تداعب دخانها أنفاسها الحلوة التى سرعان ما يلوثها الدخان بريحته الكريهة.