من الكتب التى صدرت حديثا مذكرات الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، تحت عنوان "الرِّواية.. رحلة الزمان والمكان" والصادر مؤخراً عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، والمذكرات تحتوى العديد من المواقف التى تحتاج إلى وقفة، ومن ذلك زيارة هدى عبد الناصر إلى لندن فى رحلة علمية، بعد موت الزعيم، فما الذى يقوله مصطفى الفقى:
فى صباح أحد الايام وصلتنى رسالة رقيقة فى الحقيبة الدبلوماسية عن طريق مكتب وكيل الوزارة حينذاك السفير الراحل محمد رياض، الذى أصبح وزيرا للدولة للشؤون الخارجية بعد ذلك، والرسالة موجهة لى من زميل الدراسة الصديق حاتم صادق يقول لى فيها إن زوجتى زميلتك هدى عبد الناصر سوف تصل فى ميعاد محدد إلى مطار هيثرو لجمع ماده علميه لها علاقة بدراستها العليا وكان ذلك فى بدايه عام 1973 وقد طلب منى صديقى وزميلى أن أتولى أنا وزوجتى رعاية الضيفة الغالية خصوصا عند وصولها لندن التى تقضى فيها يومين فقط ثم تتجه بعدها إلى مدينة أكسفورد، حيث تجمع مادة علمية من مكتبة جامعتها وكلياتها العريقة، وفى اليوم المحدد طلبت من زوجتى الاستعداد لاستقبال الضيفة التى سوف أذهب وحدى لأعود بها من المطار إلى منزلنا لأن بنتى سلمى كانت فى شهورها الأولى ولا تتمكن أمها من الذهاب إلى المطار فى ظل تلك الظروف.
وعند باب الطائرة كنت أستقبل زميلتى وقد عقدت العزم أنا وزوجتى عشيه حضور الضيفة التى سوف تشرفنا بالإقامة ليلتين فى منزلنا على ألا نتحدث فى السياسة فقد كانت هناك إرهاصات مبكرة للهجوم على الرئيس عبد الناصر وعصره وهو أمر لا نتفق معه، فقررنا ألا نتحدث فى السياسة على الإطلاق، وأن يدور تركيزنا حول ذكريات سنوات الجامعة.
عندما تصفح ضابط الجوازات فى مطار هيثرو جواز السفر الدبلوماسى للسيدة هدى عبد الناصر نظر إلىَّ وقال بلهجة حازمة "هل هى قريبة الرجل العظيم نفسه" دون أن يذكر الاسم فقلت له "نعم.. إنها ابنته الكبرى" فوضع على جواز السفر خاتما بالإقامة المفتوحة ووجهنا إلى صالة كبار الزوار حتى تحصل على حقائبها، يومها أدركت أن الخصم القوى يكون محل احترام أكثر بكثير من صديق ضعيف التأثير محدود الإرادة.