يحتفل فى 20 فبراير من كل عام، عدد كبير من دول العالم، والعديد من المنظمات، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية باليوم العالمى للعدالة الاجتماعية، حيث تصدر هذه المنظمات بيانات تتحدث فيها عن أهمية العدالة الاجتماعية، كما يناقشون الخطط لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال السعى للقضاء على (الفقر، التمييز، البطالة).
وكان أول من نادى بالمساواة فى نوادى الإغريق رواد مذهب "الرواقية أو ستوسيزم" الذى أكّد على المساواة الطبيعية بين جميع الأفراد؛ باعتبارهم كائنات لديها قدرات عقلية وقابليات متساوية على فعل الخير، إلاّ أنّ الستوسيزم لم تستطع التمييز بين مجرد القدرة على فعل الخير، وبين تحقيق ذلك الفعل.
وذلك المذهب يفسح لنا المجال لنتساءل: هل نستطيع أن ننكر على الأفراد الذين لا يفعلون الخير دعوى المساواة؟ أو هل نستطيع أن نثبت "المساواة" حتى مع الذين يظلمون الآخرين وينكرون عليهم حقوقهم؟ هنا يصمت "المذهب الرواقي" عن الجواب بل إنّ ذلك الصمت يفتح الأبواب للرسالة الدينية لتقوم بدورها فى الجواب على ذلك.
ولم تتطور فكرة "المساواة الطبيعية" فى القرن السابع عشر الميلادى إلاّ على يد المفكر السياسى الأوروبى "توماس هوبز" الذى أكد أن الأفراد فى الطبيعة متساوون فى الحقوق لأنّهم متساوون فى القوة والبراعة، إلاّ أن الفيلسوف "جون لوك" لم يتوقف عند فكرة المساواة الطبيعية للأفراد عند الولادة، بل زعم بأنّه لابد للأفراد من التعرض إلى نفس القانون الطبيعي، والتمتع بنفس الحقوق الطبيعية. ولكن تلك الأفكار الجديدة وضعت الفلسفة السياسية الأوروبية فى مأزق حرج؛ وجعلت المعارضين لتلك الأفكار يتجمعون تحت غطاء الإشكال التالى وهو أنّه: "إذا كان الأفراد متساوين بالحرية والحقوق واقعا".
ولا شك أنّ المسرح الفلسفى الأوروبى فى القرن الثامن عشر الميلادى شهد نشوء نظرية جديدة حول "العدالة الاجتماعية" والمساواة الطبيعية فى الحقوق، وهى نظرية "الطبيعة الإنسانية" التى وضعها "كونديلاك" و"هيلفتيس"، التى زعمت بأنّ الفوارق فى الشخصية، والقابليات، والذكاء إنما هى اختلافات فى البيئة والتجربة الإنسانية وليست فى التكوين البشري. فالأفراد ـ بطبيعتهم ـ متساوون بلحاظ أنّهم، عند الولادة، يملكون قدراً غير محدود من الطاقة الكامنة نحو الإبداع، دون وجود خصائص طبيعية تميز أحدهم عن الآخر.