لم يكن موسولينى رجلا سهلا بالمرة، كان حادا فى كل شىء، فى الصحافة والسياسة والحب أيضا، وفى عام 1914، كان موسولينى فى سن الحادية والثلاثين وعضوا فى الحزب الاشتراكى ومديرا لصحيفة "افانتى!" ورغم كونه متزوجا أقام علاقات غرامية عديدة إحداها كانت مع "إيدا إيرين داسلر" صاحبة صالون تزيين نسائى وتكبره بثلاث سنوات.
ظلت "إيدا" وفية لموسولينى حين طرده الحزب الاشتراكى بعد دعمه دخول إيطاليا فى الحرب العالمية الأولى، حتى أنها باعت صالونها لمساعدته على تأسيس صحيفته الخاصة "شعب إيطاليا".
وكانت "ايدا" حاملا فى شهرها السابع، حين تركها موسولينى متوجها إلى الجبهة فى أغسطس 1915، ثم وضعت مولودهما فى 11 نوفمبر واسمته بينيتو البينو، وراسلت موسولينى لتبلغه بالنبأ من دون أن تتلقى جوابا.
وقد وعدها موسولينى بأنه سيعترف بطفله منها، وكرر تعهده خلال الأشهر القليلة التى سبقت عودته الى الجبهة، كما ارسل لها نفقة شهرية للطفل، لكنه سرعان ما أدار ظهره لها متجاهلا رسائلها، وبلغ الأمر أن وضعها تحت رقابة الشرطة.
وحين وصل موسولينى الى الحكم فى نوفمبر 1922 شدد الرقابة عليها خشية أن تثير مزيدا من الجلبة ضده، وفى العام 1926، حين أصبح الدوتشى دكتاتورا لا ينازعه احد، تم اعتقال داسلر وألقى بها فى مصح عقلى، وانتزع بنيتو الصغير منها ووضع تحت رعاية وصى.
وبعد نقلها الى مصحين آخرين، ومنعها طيلة اعوام من تلقى أى زوار، لفظت داسلر أنفاسها فى العام 1937 عن 57 عاما.
اما الصبي، الذى كان فى الحادية عشر من عمره حين انتزع من امه، فادخل مدرسة داخلية حتى سن الثامنة عشرة، ثم انخرط فى سلاح البحرية.
ومع أن موسولينى لم يكن على اتصال به، لكنه كان يراقبه عن كثب، وقد انزعج من أنه ظل على اتصال بأسرة والدته، فأرسله من دون إنذار إلى آسيا فى العام 1934.
وفى العام التالي، عاد بنيتو الابن إلى إيطاليا مصابا، وعولج فى المستشفى قبل أن يودع هو الآخر فى مصح نفسى فى العام 1936 وتوفى عن عمر ناهز الـ 26 عاما.