تمر اليوم الذكرى الـ180 على ميلاد الفنان التشكيلى الشهير أوجست رينوار، إذ ولد فى 25 فبراير عام 1841، وهو رسام فرنسى، ولد فى فرنسا لأسرة عاملة، وهو من رواد المدرسة الانطباعية، اهتم فى أعماله بتصوير الملامح البشرية ومشاهدات من الحياة العامة السعيدة.
فى بداية حياته لم يكن يدرك أوجست رينوار أنه يعد من أحد رواد المدرسة الانطباعية فى الفن، كل ما كان يهمه هو ممارسة شغفه فى تصوير الملامح البشرية ومشاهداته من الحياة العامة، وبخاصة تلك التى تعبر عن السعادة، ولهذا شرع فى تطبيق هويته على الخزف الصينى فى بادئ الأمر.
بين الهواية وزيارة متحف اللوفر والاطلاع على لوحات أعظم الفنانين، تولدت بداخله رغبة فى دارسة الفن، ومن هنا التقى بمجموعة من الفنانين ممن كان لهم أثر كبير عليه، مثل ألفرد سيسلى، وفريدريك بازيل، وكلود مونيه، خلال دراسته عند الفنان شارلز جلاير عام 1862.
وكغيره من أعظم الفنانين فى العالم، عانى أوجست رينوار فى بداية حياته، حتى وصل به الحال إلى أنه فى أحد الأيام لم يجد معه أموالاً تمكنه من شراء أدوات للرسم، كان ذلك خلال عام 1860، وتوالت الضربات عليه، فلم ينجح معرضه الأول عام 1864، وظل على هذا الحال لفترة طويلة.
إيمان أوجست رينوار بنفسه، وبفنه، جعل عشاق الفنان يبحثون عنه بعد عشر سنوات من افتتاح أول معرض له، تحديدًا فى 1874، وهنا شعر بالتقدير لفنه بعد هذه الرحلة الطويلة من المثابرة، وتم عرض 6 لوحات له فى المعرض الأول للمدرسة الانطباعية.
ولأن روح الفنان تواقة للبحث والترحال، تعددت رحلات أوجست رينوار، حتى استقرت حيث أحب قلبه وعينه، فى الجزائر، عام 1881، ثم إلى مدريد ليتعرف على لوحات دييجو فيلاثكيت، وإلى إيطاليا لمشاهدة لوحات رفائيل فى روما.
بعد تعرضه لأزمة حادة نتيجة للإصابة بالالتهاب، استقر أوجست رينوار فى الجزائر؛ لهوائها الذى أحبه، وتماثل للشفاء بعدما مكث فيها 6 أسابيع، وخلالها التقى بالملحن ريتشارد فاجنر، فى صقلية، وقام برسمه فى 35 دقيقة فقط.
كان الرسم بالنسبة له كضرورة الهواء لجسد الإنسان، ففى شهر واحد قام برسم 15 لوحة، فكل ما كان يمر أمام عينيه تنقله ريشته، مناظر طبيعية، قطعة خبر سقطت فى كوب ماء، شواطئ، جبال، منحدرات.. إلخ.
فى عام 1890 تزوج أوجست رينوار من ألين فيكتورين، وكانت تعمل موديل رسم، ومن هنا رسمها "رينوار" فى أكثر من لوحة تعبر عن حياتهما اليومية، كما ظهر أطفاله الثلاثة فى أكثر من لوحة، وكذلك ممرضته، وابن عم زوجته، وكما يقول المثل المصرى "ابن الوز عوام" فإن أبناء أوجست رينوار لم يكن أحد منهم بعيدًا عن الفن، فقد كانت لهم مواهبهم الخاصة مثل أبيهم، والتى تعلقت بالمسرح والإخراج والتمثيل.
وتتميز لوحات أوجست رينوار بقوة وروعة الألوان، فهى مشبعة بالألوان وقوية من حيث الجمع بين التضاد، وتحديدًا بين الضوء والظل، وهى السمات التى تميز المدرسة الانطباعية، ولأن طبيعة الفنان تميل إلى التغيير وتتخذه عقيدة، فإن "رينوار" الذى أنتج آلاف اللوحات وتم بيعها فى العالم، حينما وجد نفسه متأثرًا بأعمال آنغر (1884-1887) وجد بداخله اهتمامًا بتصوير المشاهد الحسية، فقام برسم لوحات تظهر فيها النساء عاريات، ومن أشهر ما رسم لوحة "فتيات أمام البيانو" عام 1892، و"غابرييل صاحبة الوردة" عام 1911، و"المستحمات" 1918.
وكما ذكرنا من قبل، كان أوجست رينوار مثالاً لمن وهب أنفاسه للرسم والفن، ففى أواخر أيام حياته بعدما عانى من التهاب المفاصل، وأصبح جليس "مقعد متحرك"، أصر على زيارة متحف اللوفر، ربما كان يعلم أن هذه ستكون النظرة الأخيرة، ففى عام 1919 رحل عن عمر ناهز الثامنة والسبعين.