الأحلام جزء لا يتجزأ من وعى الإنسان، وهى سلسلة من التخيلات والمواقف التى يراها الشخص أثناء النوم، وقد تختلف مدى منطقتها من عندمه، إلا أنه فى النهاية تحمل أشياء ممن تدور عقل الشخص، ومنذ بداية الخلق كانت الأحلام موجودها وعرفها البشر، وكانت تفسيرها جزء من علوم الإنسان، وخرجت عنها دراسات وكتب حول حدوثها وأسبابه، ولذلك نرى أنه لا يوجد كتاب مقدس يخلوا من الأحلام.
وفى الكتب المقدسة للديانات الإبراهيمية الثلاث "القرآن الكريم، والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد" ذكرت العديد من الأحلام فى سياقات دينية مختلفة كانت لها تأثيرها فى تغيير مسار الرسلات السماوية التى أرسالها الله مع رسله، ومن هنا يظهر أهمية الأحلام ودورها الكبير وتأثيرها فى حياة البشر.
ومن أبرز الأحلام التى جاءت فى القرآن الكريم وكانت لها سياقها وتأثيرها الخاص فى القصة التى وردت فى النص الإلهى:
القرآن الكريم
" فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْى قَالَ يَا بُنَى إِنِّى أَرَىٰ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)" (الصافات)
الحلم السابق هى رؤية النبى إبراهيم لنجله نبى الله إسماعيل وهو يذبحه، والتى رأى الأخير أنه تكليف من الله، فأمر والده بتنفيذ إرادة الله، قبل أن يفديه تعالى بكبش عظيم، وهو الحلم الذى كان سببا فى الاحتفال السنوى للمسلمين فى كافة أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك، حيث يقومون بذبح الأضاحى تخليدا لذكرى النبيين الصديقين إبراهيم وإسماعيل.
"إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ (4)" (يوسف)
الحلم السابق الذى رواه النبى يوسف عليه السلام على أبيه النبى يعقوب، حسبما يشرح النص القرآنى، من الاحلام البارزة فى القرآن الكريم، لأنه تجسيدا لنبؤة يوسف، فكان لديه أحد عشر أخا مثلوا الكواكب التى راها فى المنام، والشمس والقمر هما والديه اللذان ساجدا إليه عندما جاءوا إلى مصر، قبل أن يعلموا أن نجلهم أصبح سيد من ساداتها، وهنا قال يوسف أن هذا ما راه من قبل فى أحلامه.
"لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)" (الفتح)
هذه الآية لا تحتاج لكثير من الشرح والتفسير، ولعلها تأكيدا من المولى عز وجل على رسوله الكريم محمد ابن عبدالله بوعده بفتح أم القرى وقرة أعين الرسول، وأقرب البلاد إلى قلبه، مكة المكرمة، إذ فتحها المسلمون بقيادة النبى محمد صلى الله عليه وسلم أمنين، رافعين رؤسهم، غير خائفين من مشاركيها الذين أسلموا لله، أو ظلوا فى بيوتهم، أمنين بوعد النبى.
الكتاب المقدس
"أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له، فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه، فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، وسألهم: أين يولد المسيح، فقالوا له: فى بيت لحم اليهودية" (متى 2: 1 – 12)
تعود قصة المذبحة إلى أمر هيرودس الكبير بقتل الأطفال سنتين فما دون فى بيت لحم وتخومها حيث ولد يسوع وذلك بحسب أنجيل متى فى الإصحاح الثاني، وبالفعل وصل المجوس حيث موضع ميلاد المسيح وقدموا للطفل «ذهبا ولبانا ومرا» وعند العودة أوحيإليهم فى حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس، انصرفوا فى طريق أخرى إلى كورتهم، مما أغضب هيرودس وحينها «حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا. فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين فى بيت لحم وفى كل تخومها، من ابن سنتين فما دون، بحسب الزمان الذى تحققه من المجوس».
"إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلاً: قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه (14) فقام وأخذ الصبى وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر"، "إنجيل متى: الإصحاح الثانى"
رؤية حق من الله أرسلها إلى يوسف النجار، خطيب السيدة المباركة العذراء مريم، أم يسوع المسيح، ليأخذ العذراء وطفلها الرضيع إلى مصر، هوربا من بطش هيرودس الملك ال الذى كان يقتل الأطفال تحسبا لظروف ملك يزاحمه المُلك فأراد قتله عن طريق المجوس، فحينما فشل، قرر قتل جميع أطفال بيت لحم من دون السنتين، ليظهر الملاك ويخبر يوسف النجار، كما توضح الآية سالفة الذكر، بالهروب لمصر ويبقى بها حتى يموت هيرودس.